مثل: الحسن بن أبي الحسن البصريّ، إمام
التـابعين، ومثل: محمد بن سيرين الإمام الجليل، وهما من العجم، وعكرمة
البَـرْبَريّ مولى ابن عباس. وكالإمام البخاري وغيره من المبرِّزين في علم الحديث،
وابن ماجَهْ والنَّسائي، وغيرهم من الفرس الذين مَنَّ الله عليهم بالإيمان والدين،
حتى صاروا أفضل من كثير من العرب الذين لم يلحـقوا بهم في العلم والفضل، وهذا شيء
معروف. وكُتب التراجم حافلة بذكرهم وذكر فضلهم، ومؤلفاتُهم تشهد لهم، فأصحُّ كتاب
بعد كتاب الله «صحيح البخاري»، والبخاري من الأعاجم، فالعلم والدين ليسا حِكرًا
على جنس من الأجناس، وإنما كل من قام بهما وصَدَقَ في قيامه بهما، فإنه ينال هذا
الفضل وهذا الشرف من العجم وغيرهم.
ولقد ظهر في بقية الأجناس البشرية كالبربر والتُّرك والروم وغير ذلك مَن برَّز في العلم والدين والإيمان والجهاد في سبيل الله عز وجل. وها هي بلاد الأندلس في أوروبا التي ازدهرت بالعلم والإيمان بسبب الفتح الإسلامي والجهاد، لقد كان فيها علماء الأندلس، وبها حركة علمية هائلة، قام على بنائها وعمارتها وازدهارها المسلمون من شتَّى الأجناس، وهُم كثرة يصعب على المرء الإحـاطة بأسمائهم وتعدادهم، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد