والحدودُ: هي حدود
الأسماء المذكورة فيما أنزل الله من الكتاب والحكمة، مثل حُدود الصَّلاة والزَّكاة
والصَّوم والحجِّ، والمؤمن والكافر، والزاني والسارق والشارب، وغير ذلك، حتى يُعرف
مَنِ الذي يستحقُّ ذلك الاسمَ الشرعيَّ ممّن لا يستحقُّه، وما تستحقُّه مسمَّيات
تلك الأسماء من الأحكام.
***
الحدود في كتاب الله
على ثلاثة أقسام:
القسم الأول: حدود الله، بمعنى:
أوامره ونواهيه، وما أحلّه وما حرَّمه، فقال جل وعلا: ﴿تِلۡكَ حُدُودُ ٱللَّهِ فَلَا تَعۡتَدُوهَاۚ﴾ [البقرة: 229]،
وهذا في المباحات ولا تتعدّى إلى المحرمات.
القسم الثاني: حدود الله، بمعنى:
محارم الله سبحانه وتعالى كالكفر والشرك والفسوق والمعاصي، وشرب الخمر والزنى
والسرقة، فالله جل وعلا قال: ﴿تِلۡكَ حُدُودُ ٱللَّهِ فَلَا تَقۡرَبُوهَاۗ﴾ [البقرة: 187]،
فإذا كانت الحدود يُراد بها المحرَّمات، فإنَّ الله قال: ﴿فَلَا تَقۡرَبُوهَاۗ﴾ يعني: لا ترتكبوا الوسائل التي تُفضي إليها، أي: اتركوا
الأسباب المفضية إليها، وهذا من باب سدِّ الذرائع، فإذا كان منهيًّا عن الوسائل
التي تفضي إليها، فكيف بفعلها هي؟ هذا لا شكَّ أشدُّ، واليوم هنا من ينكر قاعدة سد
الذرائع وهي قاعدة شرعية مجمع عليها.
القسم الثالث: حدود الله، بمعنى: العقوبات المقدَّرة شرعًا على جرائم تمنع من الوقوع في مثلها، مثل: حدِّ الزنى، وحدِّ السرقة، وحدِّ شرب الخمر. فالأعراب أقرب إلى أن يجهلوا هذه الحدود كلها، مما أنزل الله على رسوله في كتابه، فهم أقلُّ فهمًا لها من غيرهم، ومنهم
الصفحة 1 / 417