وفي هذا ردٌّ على الخوارج الذين يقولون: إنَّ
الإيمان لا ينقص بالمعصية وإنما يزول بالكلِّيِّـة، ويكفِّرون بالمعاصي، وفيه ردٌّ
على المرجئة الذين يقولون: إنَّ الأعمال لا تدخل في مُسمَّى الإيمان، وإنما يكفي
من الإنسان أن يعتقد بقلبه ولو لم ينطق بلسانه ولم يعمل، وبعضهم يقول: يكفي أن
ينطق بلسانه ويعتقد بقلبه ولو لم يعمل، وكل هذا غلط، ولهم أقوال في ذلك.والصواب
قول أهل السُّنة والجماعة، وهي مسألة معروفة، ولكن الغَرض من هذا السياق هو أنَّ
حربًا رحمه الله قال: ونعتقد للعرب حقها وفضلها فهذا من أصولهم، وهذا كما سبق
بيانه ليس على إطلاقه، نعتقد للعرب حقها وفضلها في الجملة، فليست أفضليتهم مطلقة،
وإنما إذا قاموا على دين الله عز وجل اجتمع لهم فضل العروبة الصافية، والقيام بأمر
الله سبحانه وتعالى فهم يكونون بذلك أفضل من غيرهم، أما إذا لم يوجد فيهم إيمان،
فإنه لا ينفعهم كونهم عربًا.
وقد قال الله تعالى: ﴿هُوَ ٱلَّذِي بَعَثَ فِي ٱلۡأُمِّيِّۧنَ رَسُولٗا مِّنۡهُمۡ يَتۡلُواْ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتِهِۦ وَيُزَكِّيهِمۡ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبۡلُ لَفِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ﴾ [الجمعة: 2]، والأميون هم العرب، سُمُّوا بذلك لأنَّ الأميّ هو الذي لا يقرأ ولا يكتب، فالعرب يغلب عليهم عدم القراءة والكتابة، فلذلك سُمُّوا بذلك، والنبيّ صلى الله عليه وسلم أُميّ، فكون الله جل وعلا اختار هذا النبي العظيم، وعمَّم رسالته على البشرية وهو من العرب الأميين، في هذا تفضيل للعرب بلا شك، والله عليم حكيم، اختار العرب لأنَّهم أقدر على الجهاد في سبيل الله لما جُبلوا عليه من الشجاعة، وعلى حمل هذا