ويُروى هذا الكلامُ عن أحمدَ
نفسِه، في رسالة أحمد بن سعيد الإصْطَخريِّ عنه - إن صحَّت - وهو قولُه وقولُ
عامّة أهل العلم.
وذهبتْ فرقةٌ منَ
الناس إلى أنْ لا فَضْلَ لجنس العربِ على جنس العَجَم، وهؤلاء يُسمَّون:
الشُّعوبيةَ، لانتصارهم للشُّعوب التي هي مُغايرة للقبائل، كما قيل: القبائل: للعربِ،
والشُّعوب: للعجم.
***
الدين، وكانوا كذلك،
فإنهم قاموا بهذا الدين علمًا وتعليمًا وجهادًا، حتى بلَّغوه المشارق والمغارب،
فلا يجحد فضل العرب إلاَّ مَن كان في قلبه نفاق، لا يحب الإسلام؛ لأنَّ هؤلاء
العرب هم الذين قاموا بنشر الإسلام، فالذي لا يحب هذا الإسلام يكره من قام به،
وذكرنا أنَّ فضل العرب ليس لمجرد أنهم عرب، ولكنَّ فضلهم لما قاموا به من نشر هذا
الدين والقيام به، والقدرة على بيانه وإبلاغه، فالله لا يختار إلاَّ من يعلم أنَّ
فيه كفاءة للقيام بما أُمِر به، فإذا ما نظرنا إلى ما تحقق على يد العرب من القيام
بهذا الدين، وقبل ذلك اختيار الرسول صلى الله عليه وسلم منهم، ونزول القرآن
بلغتهم، ففي هذا دليل على فضل العرب والعربية في الجملة.
لقد كان الإمام أحمد يقول بفضل العرب، كما في هذه الرسالة التي أرسلها إلى ابن سعيد الإصطخري، إن صحَّت نسبتها إلى الإمام أحمد، فإنَّ فيها مدح العرب، لا مطلقًا، ولكن من ناحية ما قاموا به من نصرة هذا الدين وحمله، مما قام به المهاجرون والأنصار وهم من العرب، ولهذا قال الله جل وعلا: ﴿وَٱلسَّٰبِقُونَ ٱلۡأَوَّلُونَ مِنَ ٱلۡمُهَٰجِرِينَ وَٱلۡأَنصَارِ وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم بِإِحۡسَٰنٖ رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ وَرَضُواْ عَنۡهُ﴾ [التوبة: 100]. المهاجرون
الصفحة 3 / 417