×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثاني

وقال صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَقَاطَعُوا، وَلاَ تَدَابَرُوا، وَلاَ تَبَاغَضُوا، وَلاَ تَحَاسَدُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا كَمَا أَمَرَكُمُ اللهُ» ([1]). وهذان حديثان صحيحان، وفي الباب من نصوص الكتاب والسنة ما لا يُحصى

***

 لأنَّ الإيمان يجمعهم كما يجمع الجسدُ أعضاءه، فالمراد بالتّراحُم هنا أنَّ يرحم بعضُهم بعضًا لأجل الإيمان، لا لشيءٍ آخر، وهذا كلُّه إنما يتأتى بالاعتصام بحبل الله جميعًا، وترك التفرق والاختلاف، وتَرْك التفاخُر بالأحساب والأجناس؛ لأنَّ الإيمان يقتضي خلاف ذلك.

هذا خطاب لجميع الأمَّة من العرب والعجم، الذين آمنوا بهذا الدين واتَّبعوه، سواء كانوا من العرب أو العجم، فهم منهيُّون عن هذه الصفات من التقاطع والتدابر، وعن الحسد فيما بينهم، ومن استكبار بعضهم على بعض؛ لأنهم إخوة في الدين، من أيِّ جنس ونوع أو لون كانوا. ولذلك إذا نظرت إلى اجتماع الحجاج في المشاعر، ونظرت إلى اختلاف أجناسهم، وإلى اختلاف لغاتهم، أدركت عظمة هذا الدين وأنه دين شامل للبشرية، لا يفرِّق بين عربي وعجمي إلاَّ بالتقوى، وإلاّ بالإيمان، فليست المسألة مسألة عصبيَّة، فلا نتمدَّح بالعربية لمجرد أنها عربية، ونذمّ الأعجمية لمجرد أنها أعجمية، فإنَّ هذا يُعتبر من القومية الممقوتة التي أنكرها العلماء لما ظهرت قبل فترة قليلة، وأنكرها العلماء، وقالوا: هذه قومية عربية وهي من جنس فِعل الجاهلية؛ لأنهم يفتخرون بأنسابهم وبشعوبهم وقبائلهم، دون نظر إلى


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (6064)، ومسلم رقم (2563).