وروى الترمذيُّ أَخْبَرَنَا
أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ
الْحَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْمُطَّلِبُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ
عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، أَنَّ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ دَخَلَ عَلَى
رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُغْضَبًا وَأَنَا عِنْدَهُ، فَقَالَ: صلى الله
عليه وسلم: «مَا أَغْضَبَكَ؟» قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا لَنَا وَلِقُرَيْشٍ؟
إِذَا تَلاَقَوْا بَيْنَهُمْ تَلاَقَوْا بِوُجُوهٍ مُبْشِرَةٍ، وَإِذَا لَقُونَا
لَقُونَا بِغَيْرِ ذَلِكَ، فَغَضِبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى
احْمَرَّ وَجْهُهُ، ثُمَّ قَالَ: صلى الله عليه وسلم: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ
بِيَدِهِ، لاَ يَدْخُلُ قَلْبَ رَجُلٍ الإِْيمَانُ حَتَّى يُحِبَّكُمْ لِلهِ
وَلِرَسُولِهِ»، ثُمَّ قَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ آذَى عَمِّي فَقَدْ
آذَانِي، إِنَّمَا عَمُّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيهِ»، قال الترمذي: هذا حديث صحيح.
ورواه أحمدُ في «المسند»
مثلَ هذا من حديث إسماعيلَ بنِ أبي خالدٍ عن يزيدَ ([1]).
***
أفخاذ قريش، كبني مخزوم وبني أُمية وغيرهم من العرب من أهل مكة، كلهم من بني إسماعيل، لكن عندهم من العصبيّة والتفاخر الشيء الكثير، فكلٌّ يريد الرئاسة في مكة، ولذلك تقاسموا خدمة البيت، منهم من عنده الرِّفادة: وهي إطعام الحجيج، ومنهم من عنده السقاية: وهي تولِّي سُقيا الحجاج من زمزم، ومنهم من يتولَّى حجابة الكعبة وسدانتها، تقاسموا هذا في الجاهلية، مما يدل على تنافسهم فيما بينهم، حتى إنهم احتقروا بني هاشم فلم يجعلوا عندهم إلاَّ السقاية، وكانت للعباس بن عبد المطلب، فكانوا يحسدون هذا الحي ويغمطونـه، ولذلك أدرك العباسُ بن عبد المطلب رضي الله عنه عمُّ الرسول صلى الله عليه وسلم هذا منهم،
([1])أخرجه: الترمذي رقم (3758)، وأحمد رقم (17516).