×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثاني

فإنَّ الله تعالى خصَّ العربَ ولسانَهم بأحكام تميَّزوا بها، ثم خصَّ قريشًا على سائر العرب بما جَعل فيهم من خلافة النبوّة، وغير ذلك من الخصائص، ثم خصَّ بني هاشم بتحريم الصَّدقة واستحقاقِ قِسْطٍ من الفيء، إلى غير ذلك من الخصائص.

***

 تَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَتَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَتُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِۗ [آل عمران: 110]، فلهذه الصفات صاروا خير أمة أخرجت للناس، والعرب يتفاضلون فيما بينهم، وأفضلهم بنو إسماعيل، وأفضل بني إسماعيل قريش، وأفضل قريش بنو هاشم، وخير بني هاشم وأفضلهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فبنو هاشم في قريش، كالعرب في سائر الشعوب، فهم خِيار من خِيار، وخيرُهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.

الله جل وعلا خصَّ العرب من بين الأمم بهذه المهمة وهي تحمُّل الرسالة الخاتمة، والقيام بها دعوة وجهادًا، حتى بلغت المشارق والمغارب، فما ذاك إلاَّ على أيدي المسلمين من العرب الذين قاموا بهذا الدين بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأعانهم من آمن من الشعوب الأخرى، وصاروا منهم، وتعلَّموا العربية وصاروا أئمةً فيها، وفي الحديث، وفي التفسير، فصاروا مَرجِعًا في كل الفنون بسبب هذا الدين، وإلاّ فإنَّ العرب قبله أمة مهمشة بين الشعوب، وغير العرب كانوا من قبل ليس عندهم إلاَّ فلسفات وعقليات، وأشياء لا تُسمن ولا تُغني من جوع. فما امتازَ مَنِ امتازَ من العجم، ولا امتاز من امتاز من العرب إلاَّ بهذا الدين الذي شرَّف الله به هذه الأمة المحمدية، وخصَّ الله قريشًا بأن كانت الخلافة فيها بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد


الشرح