فأعطى الله -
سبحانه - كلَّ درجةٍ مـن الفضل بحَسْبها، واللهُ عليم حكيم، ﴿ٱللَّهُ يَصۡطَفِي مِنَ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ رُسُلٗا وَمِنَ ٱلنَّاسِۚ﴾ [الحج: 75]، ﴿ٱللَّهُ
أَعۡلَمُ حَيۡثُ يَجۡعَلُ رِسَالَتَهُۥۗ﴾ [الأنعام: 124].
***
كان الخلفاء الراشدون من
قريش، وكانت دولة بني أُميَّة من قريش، وكانت دولة بني العباس من قريش، فما زال
الأمر فيهم بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، إلى أن استوزر آخر خليفة من بني
العباس ثُلَّةً مـن الملاحدة والشيعة الباطنية، كابن العلقمي ونصير الكفر الطوسي
وغيرهم ممن خدعوا الخليفة، وجرُّوا عليه العدو من التتار، وحصلت النكبة العظيمة،
وزال مُلك بني العباس على أيديهم.
وعند ذلك تقطعت
الدولة الإسلامية إلى دويلات صغيرة، ولكن الشأن في أنَّ هذا الأمر كان في قريش إلى
وقت سقوط دولة بني العباس، فهذا مما يدلُّ على فضل هذه القبيلة لما حملت رسالة
محمد صلى الله عليه وسلم، لا لمجرد نسبها وقُربها من الرسول صلى الله عليه وسلم،
وإنما لما تقوم به وما تبذله للبشرية من خير وقيادة راشدة.
لا اعتراض على الله جل وعلا فهو حكيم عليم، يضع الأمور في مواضعها، ولهذا اختار العرب لحمل رسالته، واختار منهم قريشًا، واختار من قريش بني هاشم، واختار هذا الرسول صلى الله عليه وسلم من بني هاشم؛ لأنه يعلم سبحانه وتعالى أهليَّة من اختارهم، فهو سبحانه القائل: ﴿وَرَبُّكَ يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُ وَيَخۡتَارُۗ﴾ [القصص: 68]، ﴿ٱللَّهُ أَعۡلَمُ حَيۡثُ يَجۡعَلُ رِسَالَتَهُۥۗ﴾ [الأنعام: 124]، وهذا ردٌّ على الذين قالوا: ﴿لَن نُّؤۡمِنَ حَتَّىٰ نُؤۡتَىٰ مِثۡلَ مَآ أُوتِيَ رُسُلُ ٱللَّهِۘ﴾ [الأنعام: 124].