وقد قال الناس في
قوله: ﴿وَإِنَّهُۥ لَذِكۡرٞ لَّكَ
وَلِقَوۡمِكَۖ﴾ [الزخرف:
44]، وقوله: ﴿لَقَدۡ جَآءَكُمۡ رَسُولٞ
مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ﴾ [التوبة: 128] ؟ أشياء ليس هذا موضعها. ومن الأحاديث التي تُذكر في هذا
المعنى: ما رويناه من طرق معروفة إلى محمد بن إسحاق الصَّغاني: حدثنا عبد الله بن
بكرٍ السَّهمي، حدثنا يزيد بن عَوانةَ، عن محمد بن ذَكْوانَ - خالِ حماد بن زيد -
عن عمرو بن دينار، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: إِنَّا لَقُعُودٌ بِفِنَاءِ
رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ مَرَّتِ امْرَأَةٌ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ
الْقَوْمِ: هَذِهِ ابْنَةُ مُحَمَّدٍ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: إِنَّ مَثَلَ
مُحَمَّدٍ فِي بَنِي هَاشِمٍ مَثَلُ الرَّيْحَانَةِ فِي وَسَطِ النَّتَنِ،
فَانْطَلَقَتِ الْمَرْأَةُ فَأَخْبَرَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم،
فَخَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم يُعْرَفُ الْغَضَبُ فِي وَجْهِهِ،
فَقَالَ: «مَا بَالُ أَقْوَالٍ تَبْلُغُنِي عَنْ أَقْوَامٍ، إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ
وَتَعَالَى خَلَقَ السَّمَاوَاتِ، فَاخْتَارَ الْعُلْيَا فَأَسْكَنَهَا مَنْ شَاءَ
مِنْ خَلْقِهِ، ثُمَّ خَلَقَ الْخَلْقَ فَاخْتَارَ مِنَ الْخَلْقِ بَنِي آدَمَ
وَاخْتَارَ مِنْ بَنِي آدَمَ الْعَرَبَ، وَاخْتَارَ مِنَ الْعَرَبِ مُضَرَ،
وَاخْتَارَ مِنْ مُضَرَ قُرَيْشًا، وَاخْتَارَ مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ،
وَاخْتَارَنِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، فَأَنَا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ مِنْ خِيَارٍ إِلَى
خِيَارٍ، فَمَنْ أَحَبَّ الْعَرَبَ فَبِحُبِّي أَحَبَّهُمْ، وَمَنْ أَبْغَضَ
الْعَرَبَ فَبِبُغْضِي أَبْغَضَهُمْ» ([1]).
***
قوله: «وقد قال الناس في قوله: ﴿وَإِنَّهُۥ لَذِكۡرٞ لَّكَ وَلِقَوۡمِكَۖ﴾» يعني: أنَّ القرآن شرف، وذِكْر وثناء حسن لك يا محمد ولقومك،
([1])أخرجه: الحاكم رقم (6953)، والطبراني في «الأوسط» (6182)، والبيهقي في «الشعب» رقم (1330).