وكيف لا يكون وهو في قمة الفصاحة والبلاغة
والشمول والمعاني الجليلة، فهو معجز من كل وجه، فهو شرف لقومك، يعني: قبيلتك وهم
العرب، فنزول هذا القرآن العظيم بلسانهم شرف لهم ما بعده شرف، وذكر لهم يستحقون به
المدح إذا استقاموا عليه وبلَّغوه للناس، ولـهذا قال جل وعلا: ﴿وَسَوۡفَ تُسَۡٔلُونَ﴾ [الزخرف: 44]، سوف
يسألكم الله يوم القيامة عن هذا الدين، وعن هذا الرسول، ما الذي فعلتموه نحوهما؟
قوله: ﴿لَقَدۡ جَآءَكُمۡ رَسُولٞ
مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ﴾ أي: من جنسكم عربي مثلكم ومن قبيلكم، وقوله: ﴿عَزِيزٌ عَلَيۡهِ مَا
عَنِتُّمۡ حَرِيصٌ عَلَيۡكُم بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ رَءُوفٞ رَّحِيمٞ﴾ [التوبة: 128] أي:
يجمع هذه الصفات العظيمة التي أولها أنه من أنفسكم، وهذا شرف عظيم أن يكون هذا
النبي عربي منكم.
قوله: «إِنَّا لَقُعُودٌ بِفِنَاءِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ مَرَّتِ امْرَأَةٌ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: هَذِهِ ابْنَةُ مُحَمَّدٍ...» هذا الحديث من الأحاديث التي تدل على فضل بني هاشم، وقصة هذا الحديث أنَّ فاطمة رضي الله عنها بنت الرسول صلى الله عليه وسلم مرّت بملأ بالمسلمين جالسين بفناء الرسول - أي: حول بابه - ينتظرونه ليلازموه ويستفيدوا منه، ولتقرَّ أعينُهم برؤيته، فليس هناك شيء أحب إليهم من رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم ومجالِسه، فلما مرّت عرفوها وقالوا: هذه بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتكلَّم رجل من بني أمية، وهو أبو سفيان بن حرب، فقال: مثل رسول الله صلى الله عليه وسلم في بني هاشم مثل الريحانة - يعني: الشجرة الطيبة الرائحة - في أرض النتن، هذا من باب الغمط لبني