×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثاني

 فإنما يكون في التقوى، سواء كان من العرب أو من العجم، قال سبحانه: ﴿إِنَّ أَكۡرَمَكُمۡ عِندَ ٱللَّهِ أَتۡقَىٰكُمۡۚ، ثم إنَّ التفاخر بالأنساب من أمور الجاهلية التي نهى عنها الإسلام. وفي أثر سلمان هذا أنَّ الأوْلى بالمسافر أن يقصُر الصلاة الرباعية، أخذًا برخصة الله سبحانه وتعالى وعملاً بقوله تعالى: ﴿وَإِذَا ضَرَبۡتُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَلَيۡسَ عَلَيۡكُمۡ جُنَاحٌ أَن تَقۡصُرُواْ مِنَ ٱلصَّلَوٰةِ [النساء: 101]، ولقد كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يقصر الصلاة في أسفاره من خروجه من البلد إلى أن يرجع إليه، فلم يؤثر عنه صلى الله عليه وسلم أنَّه أتمَّ الصلاة الرباعية، بل إنه قال عليه الصلاة والسلام: «إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ تُؤْتَى مَعْصِيَتُهُ» ([1])، ولذلك أنكر سلمان رضي الله عنه على هذا الذي صلّى بهم، وأتمَّ الصلاة أربعًا، ومن سنته أنَّ الذي يقصر لا يصلي سنن الرواتب التي مع الفرائض إلاَّ راتبة الفجر، وأما بقية النوافل كصلاة الضحى وقيام الليل والوتر، فإنه يفعلها ولا يتركها.

قوله: «وفي المسألة آثار غير ما ذكرته...» الآثار: جمع أثر وهو ما رُوي عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وقد يُطلق على ما رُوي عن غيره من العلماء والسَّلف الصالح، فالمسألة فيها آثار، يعني: في فضل العرب على غيرهم، لكن هذه الآثار متفاوتة، منها ما هو ضعيف، ومنها ما هو موضوع، ومنها ما هو حسن، ومنها ما هو صحيح، فهذه الآثار نظرًا لكثرتها فإنها تتعاضد لتدل على الأصل، وهو فضل جنس العرب على غيرهم، هذا من حيث الجنس، أما من حيث الأفراد فقد يكون في العجم من هو خير من كثير من العرب.


الشرح

([1])أخرجه: أحمد رقم (5866)، وابن حبان رقم (354).