أربعًا، فلما انصرف قال سلمان: ما هذا؟ ما هذا؟
مرارًا، نصف المربوعة، قال مروان: يعني: نصف الأربع، نحن إلى التخفيف أفقر، فقال
له القوم: صلِّ بنا يا أبا عبد الله، أنت أحقُّنا بذلك، فقال: لا، أنتم بنو
إسماعيل الأئمة، ونحن الوزراء.
وفي المسألة آثار غير مـا
ذكرته، في بعضها نظر، وبعضها موضوع.
***
هذه الأحاديث تدلُّ على أنَّ جنس العرب أفضل من غيرهم من الأمم؛ لأنَّ
سلمان رضي الله عنه لما طُلِبَ منه أن يصلي بمرافقيه من العرب، قال: لا، أنتم بنو
إسماعيل، دلالة على أفضليتهم، وبنو إسماعيل هم العرب؛ لأنَّ العرب من ذريَّة
إسماعيل بن إبراهيم عليه السلام، فدلَّ فعله على أنَّ العرب يُقدَّمون في إمامة
الصلاة وفي غيرها لفضلهم، وذلك لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم منهم، والقرآن
نزل بلغتهم، وهم المكلَّفون بحمل هذا الدين وتبليغه للبشرية، وقد اختارهم الله
سبحانه وتعالى لهذا الأمر العظيم دون سواهم.
ولكن كما سبق هذا من باب الاعتراف بنعمة الله، لا من باب المفاخرة، فهو كقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ فَخْرَ» ([1]) فإنما ذكر ذلك من باب شكر الله والتحدث بنعمته، فلا يجوز لأحدٍ أن يفخر على أحد، قال الله جل وعلا: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقۡنَٰكُم مِّن ذَكَرٖ وَأُنثَىٰ وَجَعَلۡنَٰكُمۡ شُعُوبٗا وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوٓاْۚ إِنَّ أَكۡرَمَكُمۡ عِندَ ٱللَّهِ أَتۡقَىٰكُمۡۚ﴾ [الحجرات: 13]، فالله جعلهم شعوبًا وقبائل - والشعوب للعجم والقبائل للعرب - جعلهم كذلك لأجل التعارف، والتواصل فيما بينهم، وأما الكرم
([1])أخرجه: مسلم رقم (2278).