×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثاني

 واستمر هذا الأمر في عهد الخلفاء الراشدين، ثم في دولة بني أميَّة، ثم دولة بني العباس إلى أن سقطت الدولة العباسية، وحينئذٍ خرج الأمر عن سيطرة سلطة العرب في الغالب، فلذلك اختلف الأمر.

قوله: «وسبب هذا الفضل - والله أعلم - ما اختصوا به في عقولهم وألسنتهم...» يعني: أنَّ سبب تفضيل العرب على غيرهم ليس لمجرد نسبهم وعِرقهم، وإنما لما يمتازون به من الصفات الحميدة التي لا تُجحد ولا تُنكر، فالعرب لهم صفات حميدة من الكرم والجود وحِفظ الأنساب والأمانة، إضافة إلى ما أوتوا من الفصاحة والبلاغة في القول.

قوله: «والعلم له مبدأ وهو قوة العقل الذي هو الفهم...» المقصود: أنّ العلم له مزيَّة ورتبة عالية، قال الله جل وعلا: ﴿يَرۡفَعِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡ وَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ دَرَجَٰتٖۚ [المجادلة: 11]، وقال: ﴿قُلۡ هَلۡ يَسۡتَوِي ٱلَّذِينَ يَعۡلَمُونَ وَٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَۗ [الزمر: 9]. والعرب قد أُعطوا قوة العقل، فهم أكثر الناس فهمًا وحفظًا، وأعظمهم بيانًا وعبارة، ولذلك أنزل الله القرآن بلغتهم، وجعل النبي صلى الله عليه وسلم منهم، فهم أجدر الناس بحمل الإسلام، وأن ينالوا فضله على غيرهم.

قوله: «والعرب هم أفهم من غيرهم، وأحفظ وأقدر على البيان...» يعني: أنَّ العرب امتازوا عن غيرهم بالفهم وقوة الذاكرة والفِطنة، وهذا شيء واضح إذا نظرت في أشعارهم وخطَبهم وفي مرويّاتهم، وما خلَّفوه من الآداب والثروة اللغوية والأدبية، وما استوعبوه من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم حفظًا وفهمًا، ومما سهل هذا فرط


الشرح