قال صلى الله عليه
وسلم: «لاَ يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأُْمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلاَ
نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إلاَّ
كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ» ([1])، والسبب في كفر من
لم يتبع النبي صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب أنَّ الكتب السابقة قد نُسخت بهذا
الدين، قال الله تعالى: ﴿وَمَن
يَبۡتَغِ غَيۡرَ ٱلۡإِسۡلَٰمِ دِينٗا فَلَن يُقۡبَلَ مِنۡهُ﴾ [آل عمران: 85]، فمن أراد
السلامة فليدخل في هذا الإسلام، قَال َ تَعَالَى: ﴿أَفَغَيۡرَ دِينِ ٱللَّهِ يَبۡغُونَ وَلَهُۥٓ أَسۡلَمَ مَن فِي
ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ﴾ [آل عمران: 83]، وقال جل وعلا: ﴿إِنَّ ٱلدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلۡإِسۡلَٰمُۗ﴾ [آل عمران: 19].
الإسلام الذي بعث به محمد صلى الله عليه وسلم هو نفس ما جاء به الأنبياء من قبل من
العقائد والشرائع، فالنبوة تخرج من مشكاة واحدة، لكن لـمّا بُعث محمد صلى الله
عليه وسلم، صار الإسلام هو ما جاء به وحده وما عداه فليس بإسلام لأنه قد نسخ وإن
كان في أصله مشروعًا، والعمل بالمنسوخ ليس دينًا بعد النسخ.
قوله: «فجاءت الشريعة باتباع أولئك السابقين على الهدى الذي رضيه الله لهم...» فالأمة ما عزّت إلاَّ بعدما دخلت في الإسلام الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، فهو الذي انتشلهم من المهانة والذلة التي كانوا فيها، قَال َ تَعَالَى: ﴿وَٱذۡكُرُوٓاْ إِذۡ أَنتُمۡ قَلِيلٞ مُّسۡتَضۡعَفُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ ٱلنَّاسُ فََٔاوَىٰكُمۡ وَأَيَّدَكُم بِنَصۡرِهِۦ وَرَزَقَكُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ﴾ [الأنفال: 26]. فالعرب قبل الإسلام كانوا في أذيال القافلة، وولاؤهم إما للفرس وإما للرّوم، فلما جاء الإسلام كوَّن منهم أمَّة عظيمة، فتحت بلاد كسرى وقيصر.وخلاصة الأمر: أنَّ من كان فيه
([1])أخرجه: مسلم رقم (153).