مخالَفة لهذا الدين ومخالفة لأولئك السابقين،
فإنه يحصل فيه نقص بحسب هذه المخالفة، فإن كانت كفرًا وردة، فإنه يكـون ذليـلاً
حقيرًا مَهينًا في حياته وبعد موته، وإن كان عاصيًا دون الرِدَّة، فإنه يكون فيه
ذِلَّة ومهانة بقدر معصيته، كما قال صلى الله عليه وسلم: «وَجُعِلَ الذِّلَّةُ
وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي» ([1]). قوله: «فإذا
نهت الشريعة عن مشابهة الأعاجم دخل في ذلك ما عليه الأعاجم الكفار...» يعني:
أنَّ التشبه بالأعاجم - سواء كانوا أعاجم في الماضي أو الحاضر - يوجب الذل؛ لأنَّ
العجمية نَقْص، والعروبة في الجملة شرف، فإذا انتكس الأمر وصاروا يلتسمون العزَّ
من جهة الأعاجم ذلُّوا وهانوا، وحصل لهم التأخر كما هو الواقع اليوم. فالتشبُّه بالأعاجم
لا خير فيه، حتى ولو أنهم أسلموا، فإن العجمية في حدِّ ذاتها إذا قوبلت بالعربية
فهي ناقصة، كما سبق وقلنا أنَّ جنس العرب أفضل من جنس العجم، والعجم إنما حصل
لبعضهم الشرف والرِّفعة لما دخلوا في هذا الدين، وتعلموا هذا العِلم، لا أنهم
نالوه بأصلهم وحسبهم، وإنما باتباعهم لهذا الدِّين.
قوله: «كما يدخل في مسمّى الجاهلية العربية ما كـان عليه أهل الجاهلية قبل الإسلام...» الأعاجم إذا أسلموا وتركوا عادات الأعاجم وتقاليدهم، وأخذوا بآداب الإسلام، صاروا مثل المسلمين والعرب؛ لأنهم اقتدوا بهم وساروا في ركابهم، أما إذا بقوا على عُجمتهم وعلى عاداتهم - وإن كانوا مسلمين - فإنه يكون فيهم نقص.
([1])أخرجه: أحمد رقم (5114).