×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثاني

قوله: «ومن تشبه من العرب بالعجم لحق بهم...» يعني: أنَّ العجم إذا انصقلوا بآداب الإسلام، وتحلَّوا بها وتركوا عاداتهم، فإنه يكون لهم الكمال تَبعًا للعرب، وأما إذا أخذوا الإسلام لكن بقوا على عاداتهم وتقاليدهم وتركوا بعض آداب الإسلام، فإنه يكون فيهم نقص بلا شك، وكذلك العرب على ما فيهم من عزة ومكانة إذا تركوا بعض آداب الإسلام واتبعوا ما عليه العجم، حصل فيهم نقص بحسب ذلك.

قوله: «ولهذا كان الذين تناولوا العلم والإيمان من أبناء فارس...» يعني: أنَّ العجم الذين مَنَّ الله عليهم بالعلم والعبادة صاروا من أفضل الناس لأنهم اعتنقوا الإسلام، وتخلَّقوا بأخلاق المسلمين، فرفعهم الله عز وجل وتعلَّموا العلم النافع فبرعوا فيه كسلمان الفارسي، وكالأئمة من بعده: البخاري، وأبي حنيفة، وغيرهم من العلماء الأكابر الذين أصلهم من العجم الذين اندمجوا في العرب، وأخذوا الإسلام أخذًا صحيحًا، فرفعهم الله به، وعلى النقيض العرب إن تركوا دِينهم وأخذوا ما عليه الأعاجم أذلَّهم الله - والعياذ بالله.

قوله: «ومن نقص من العرب إنما نقص بتخليهم عن هذا...» يعني: ما يحصل للعرب من ذِلَّة، إنما هو بسبب تخليهم عن بعض دِينهم، وتخليهم عن أخلاقهم، وما كانوا عليه من الصفات الحميدة، فإنهم إن أخذوا عادات الأعاجم وتقاليد الأعاجم، حصل لهم من الذِّل بحسب ما حصل لهم من الانتكاس عمّا كان للعرب والمسلمين من الفضل والشرف.


الشرح