فيها صهيبٌ الرومي وسلمانُ
الفارسي وبلال الحبشي، فقال: هذا الأوس والخزرج قد قاموا بنُصرة هذا الرجل، فما
بالُ هؤلاء؟ فقام معاذُ بن جبل فأخذ بتلابيبه، ثم أتى به النبيَّ صلى الله عليه
وسلم، فأخبره بمقالته، فقام النبيُّ صلى الله عليه وسلم مُغضبًا يجرُّ رداءه حتى
دخلَ المسجد، ثم نُوديَ أنَّ الصلاة جامعة، فصعِد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه ثم
قال: «أما بعد، أيها الناسُ، إنَّ الربَّ واحـد، والأبَ أبٌ واحـد، والدِّينَ دِين
واحـد، وإنّ العربية ليست لأحدكم بأبٍ ولا أم، إنّما هي لسان، فمن تكلم بالعربية
فهو عربي»، فقام معاذُ بن جبل رضي الله عنه فقال: بم تأمرنا في هذا المنافق؟ فقال:
«دعهُ إلى النار» فكان قيس ممن ارتدَّ فقُتل في الرِدَّة ([1]).هذا الحديث ضعيف،
وكأنَّه مركَّب على مالك، لكن معناه ليس ببعيد، بل هو صحيح من بعض الوجوه كما
قدَّمنا. ومَن تأمَّل ما ذكرناه في هذا الباب، عرف مقصود الشريعة فيما ذكرناه من
الموافقةِ المأمور بها، والمخالفةِ المنهيِّ عنها، كما تقدَّمت الدلالات عليه،
وعرَف بعض وجوه ذلك وأسبابه، وبعض ما فيه من الحكمة.
***
قوله: «من ولد في الإسلام فهو عربي...» يعني: من ولِد في دار الإسلام فهو عربي، وقد سبق لنا أنَّ الضابط في كون المرء عربيًّا أن يكون عربي الدار أو اللسان أو النسب، فإذا حصل على إحدى هذه الـخِصال فهو عربي، وقد يجمع بين الثلاث جميعها.
([1])انظر: حديث أبي الحسن السكري (1/23).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد