يعني أنهم ليسوا من العرب؟ يريد أن يفرق بين
جماعة المسلمين، كما فعل اليهودي حين رأى الأوس والخزرج مجتمعين، فغاظه ذلك، فأخذ
يذكر ما كان يحصل بينهم في الجاهلية حتى أثار القوم على بعضهم، فأنزل الله تعالى قوله:
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ
ءَامَنُوٓاْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقٗا مِّنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ يَرُدُّوكُم بَعۡدَ
إِيمَٰنِكُمۡ كَٰفِرِينَ ١٠٠ وَكَيۡفَ تَكۡفُرُونَ
وَأَنتُمۡ تُتۡلَىٰ عَلَيۡكُمۡ ءَايَٰتُ ٱللَّهِ وَفِيكُمۡ رَسُولُهُۥۗ وَمَن
يَعۡتَصِم بِٱللَّهِ فَقَدۡ هُدِيَ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ﴾ [آل عمران: 100-
101] إلى آخر الآيات، فهذا المنافق سلك نفس المسلك، وأراد أن يفرِّق بين المسلمين،
واستنكر وجود سلمان الفارسي وبلال الحبشي وصهيب الرومي. فالحاصل: أنّ معاذًا رضي
الله عنه أخذ بتلابيبه مستنكرًا هذه المقالة، وذهب به إلى النبيِّ صلى الله عليه
وسلم وأخبره بما قال، فقال النبي صلى الله عليه وسلم وقد بدا عليه الغضب: «الأب
واحد، والدِّين واحد، واللسان واحد»، أراد أن يبطل هذه النظرة، فقال النبي صلى
الله عليه وسلم لمن أراد قتله، ثم إنَّ الله جل وعلا ختم لهذا الرجل بخاتمة
السُّوء، فقُتل مرتدًّا والعياذ بالله.
قوله: «فأخذ بتلابيبه»
أي: أنَّ معاذًا أمسك به إنكارًا للمنكر، وهذا الواجب على المسلم إزاء المنكر.
قوله: «فأخبره
بمقالتِه» أي: بما قاله ذلك الرجل، وليس هذا من باب النميمة أو الوشاية، وإنما
هذا من إنكار المنكَر.
قوله: «فقام النبيُّ
صلى الله عليه وسلم مغضَبًا يجرُّ رداءَه...» أي: أن النبي صلى الله عليه وسلم
غضب كعادته حينما تنتهك حرمات الله.
قوله: «فصعِد المنبر،
فحمدَ الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعدُ أيها الناس، فإنَّ الربَّ ربٌّ...»
الربُّ هو الله جل وعلا ربُّ الجميع،
الصفحة 4 / 417