يَوْمَ عَاشُورَاءَ،
يَتَّخِذُونَهُ عِيدًا، وَيُلْبِسُونَ نِسَاءَهُمْ فِيهِ حُلِيَّهُمْ
وَشَارَتَهُمْ». وعن الزُّهري، عن عُبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس
رضي الله عنهما قال: كان أهلُ الكتاب يَسْدلون أشعارهم، وكان المشركون يَفْرِقون
رؤوسهم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يُؤمر
فيه بشيء، فسَدل رسول الله صلى الله عليه وسلم ناصيته، ثم فَرَق بعد ذلك. مُتَّفق
عليه ([1]). قيل: أما
المعارَضةُ بكون شَرْع مَن قبلنا شرعًا لنا، ما لم يرد شرعُنا بخلافِه. فذاك
مبنيٌّ على مقدَّمتين كلتاهما منتفيةٌ في مسألة التشبُّه بهم:
إحداهما: أن يثبت أنَّ ذلك
شرعٌ لهم بنقل موثوق به، مِثْل أن يخبرنا الله في كتابه، أو على لسان رسوله صلى
الله عليه وسلم، أو يُنقل بالتواتر، ونحو ذلك، فأمّا مجرد الرجوع إلى قولهم، أو
إلى ما في كُتبهم، فلا يجوز بالاتفاق. والنبيُّ صلى الله عليه وسلم وإن كان قد
استخبرهم فأخبروه، ووقف على ما في التوراة، فإنما ذلك لأنَّه لا يروج عليه
باطِلُهم، بل الله - سبحانه - يُعرِّفه ما يكذبون مما يصدقون، كما قد أخبره بكذبهم
غير مرَّة، وأما نحن فلا نأمن أن يُحدثونا بالكذب، فيكونُ فاسقٌ - بل كافرٌ - قد
جاءنا بنبأ فاتَّبعناه، وقد ثبت في «الصحيح» ([2]) عن النبيِّ صلى
الله عليه وسلم أنَّه قال: «إِذَا حَدَّثَكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَلاَ
تُصَدِّقُوهُمْ وَلاَ تُكَذِّبُوهُمْ».
المقدمة الثانية: أن لا يكون في شرعنا بيان خاص لذلك، فأمّا إذا كان به بيان خاص بالموافقة أو بالمخالفة، استُغني عن ذلك
([1])أخرجه: البخاري رقم (3558)، ومسلم رقم (2336).
الصفحة 3 / 417