يوم من أيام الله...» هذا الحديث يوضح
القضية زيادة توضيح، حيث الحكمة من صيامه أنه يوم من أيام الله التي نصر الله فيها
عباده المؤمنين، وليس صومُه تقليدًا لليهود، أو تشبُّهًا بهم، حيث إن قريشًا كانت
تصومه، والظاهر أنَّه من بقايا الدِّين الصحيح الذي كانوا عليه؛ لأنَّ قريشًا كان
فيها بقايا من الدِّين الصحيح من دِين الأنبياء. قوله: «فإذا كان أصل
صومه لم يكن موافقة لأهل الكتاب...» المقصود: أنَّ دين الأنبياء واحد، وأن
متأخرهم يقتدي بمتقدمِهم، ومِن ذلك إفراد الله جل وعلا للعبادة، والصيام من أعظم
أنواع العبادة، فهو عبادة مشروعة لجميع الأمم، حيث قَال َ تَعَالَى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ
ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيۡكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن
قَبۡلِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: 183] فأصل الصوم مفروض على جميع الأمم السابقة
من أهل الأديان السماوية، وإن كانت تختلف صفتُه، فأصله متَّفق عليه.
وقوله: «ثم الجواب عن هذا وعن قوله: كان يحب موافقة أهل الكتاب...» المقصود: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قد يفعل شيئًا كانت تفعله اليهود، لا لأجل التشبُّه بهم، وإنما لأنَّه عبادة لله سبحانه وتعالى ثم بعد أن حصل الاختلاط بين اليهود والمسلمين أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يفصل ويفرق بين المسلم واليهودي، حيث جعل فارقًا لصومنا يوم عاشوراء عن صومهم. ومن الفوارق التي جعلها النبي كذلك أن جعل فرق الشعر علامة مميزة للمسلم عن غيره، حيث إنَّ غير المسلم يرسل شعره. قوله: «وهذا كما أنَّ الله شرع له في أول الأمر استقبال بيت المقدس موافقة لأهل