×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثاني

 الكتاب..» يعني: أنَّ من الفوارق كذلك مسألة القِبلة، فإنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان في بداية الإسلام يستقبل قِبلة اليهود - يعني: بيت المقدس - لأنَّه لم يُؤمر بقِبلة غيـرِها، فهذا استمرار على الدِّين السابق، فلا يعني أن فعله مشابهة لليهود، وإنما لأنَّ الله شرع استقبال بيت المقدس، ولم يأت تغيير لذلك، فاستمر عليه النبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى أن جعل الله له القِبلة الخاصّة، وأمره بأن يتوجه إلى الكعبة المشرفة، وهي قِبلة إبراهيم عليه الصلاة والسلام، فعاد إلى القِبلة الأولى أول بيت وضِع للناس.

قوله: «وأخبر أنهم لا يرضون عن رسول الله حتى يتبع قبلتهم» يعني: أنَّ الله أخبر عن طبيعة اليهود، حيث إنهم لن يرضوا عن النبي صلى الله عليه وسلم حتى يتبع قبلتهم، قال سبحانه: ﴿وَلَن تَرۡضَىٰ عَنكَ ٱلۡيَهُودُ وَلَا ٱلنَّصَٰرَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمۡۗ [البقرة: 120]، ﴿وَلَئِنِ ٱتَّبَعۡتَ أَهۡوَآءَهُم مِّنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَكَ مِنَ ٱلۡعِلۡمِ إِنَّكَ إِذٗا لَّمِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ[البقرة: 145]، يعني: لا يرضون عنك يا محمد حتى ولو استقبلت قِبلتَهم، وقَال َ تَعَالَى: ﴿وَمَآ أَنتَ بِتَابِعٖ قِبۡلَتَهُمۡۚ وَمَا بَعۡضُهُم بِتَابِعٖ قِبۡلَةَ بَعۡضٖۚ [البقرة: 145]. المعنى: أنهم هم أنفسُهم مختلفون، فمِن طبيعتهم الاختلاف وعدم الاتفاق، فالله جل وعلا قال لنبيِّه: لا تطمع في أن يرضوا عنك أبدًا، حتى ولو تنازلت عن شيء من دِينك وكانت القِبلة، فإنهم لن يرضوا عنك؛ لأنهم هم أيضًا لم يتَّفقوا على القِبلة، فاليهود يتجهون إلى بيت المقدس، والنصارى يستقبلون المشرق.

قوله: «وأخـبره أنه إن اتبع أهواءهم...» يعني: قوله تعالى: ﴿وَلَئِنِ ٱتَّبَعۡتَ أَهۡوَآءَهُم [البقرة: 145]، لم يقل: إن اتَّبعت دِينَهم، لأن


الشرح