قوله: «وكذلك ما نهي
عنه من مشابهتهم يعم مشابهتهم...» المقصود: أنَّ هناك أشياء لا يتصور أنّ المسلم
يقصد التشبُّه بهم فيها، كبياض الشَّعر؛ لأن هذا الأمر ليس من فعله، ومع هذا فإننا
نُهينا عن التشبُّه بهم بترك الشَّعر أبيض، قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ
اليَهُودَ، وَالنَّصَارَى لاَ يَصْبُغُونَ، فَخَالِفُوهُمْ» ([1])، فأمرنا بصبغ الشعر
بغير السَّواد؛ لأن الصبغ باللَّون الأسود محرَّم، لقوله صلى الله عليه وسلم: «غَيِّرُوا
هَذَا الشَّيْبَ وَجَنِّبُوهُ السَّوَادَ» ([2]) ولقوله صلى الله
عليه وسلم: «يَكُونُ قَوْمٌ يَخْضِبُونَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ بِالسَّوَادِ،
كَحَوَاصِلِ الْحَمَامِ، لاَ يَرِيحُونَ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ» ([3]).
وهذا من باب الوعيد الشديد، فالسواد لا يجوز الصبغ به، لكن يُصبغ الشعر الأبيض بالحمرة أو الصفرة أو غير ذلك من الألوان التي تغاير ما عليه شعر أهل الكتاب، وإن كان هذا البياض ليس مِن فِعلهم، فالمقصود من ذلك تمييز المسلم عن الكافر، فإذا كان هذا في الأمور التي من الـخِلقة والتي ليس للإنسان فيها يد، فلأن يكون هذا في الأمور المقصودة والمفعولة من باب أولى.
([1])أخرجه: البخاري رقم (3462)، ومسلم رقم (2103).