القسم الثاني: ما كان مشروعًا ثم نُسخ بالكُلِّية كالسبت، أو إيجاب
صلاة أو صوم.
ولا يخفى النَّهي
عن موافقتِهم في هذا، سواء كان واجبًا عليهم فيكون عبادة، أو محرَّمًا عليهم فيتعلَّق
بالعادات.
فليس للرجل أن
يمتنع مِن أكْلِ الشُّحوم وكلِّ ذي ظُفر على وجهِ التديُّن بذلك.
وكذلك ما كان
مركبًا منهما، وهي الأعياد التي كانت مشروعةً لهم، فإنَّ العيد المشروع يجمع
عبادة، وهو ما فيه من صلاة أو ذِكر أو صدقةٍ أو نُسك، ويجمع عادة، وهو ما يُفعل
فيه من التوسع في الطعام واللِّباس، وما يتبع ذلك من ترك الأعمال الواجبة، واللعب
المأذون فيه في الأعياد لمن ينتفع باللعب ونحو ذلك.
ولهذا قال صلى الله عليه وسلم لما زجر أبو بكر رضي الله عنه الـجاريتين
عن الغناء في بيته: «دَعْهُمَا يَا أَبَا بَكْرٍ، فَإِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا،
وَإِنَّ هَذَا عِيدنَا» ([1]).
وكان الحبشة يلعبون بالحراب يوم العيـد والنبي صلى الله عليه وسلم ينظر إليهم.
****
قوله: «القسم الثاني: ما كان مشروعًا ثم نسخ...» يعني: ما كان مشروعًا لمن قبلنا ثم نُسخ في شريعتنا بالكُلية ونُهينا عنه، فلا يجوز فِعله، ومن ذلك ترك استقبال بيت المقدس، ووجوب استقبال الكعبة، ومن ذلك يوم السبت، فإنَّ اليهود يجعلون يوم السبت يوم راحةٍ لهم يتفرغون فيه للعبادة، والنصارى يجعلون يوم الأحد، أما اليهود فيقولون: يوم السبت؛ لأنَّ الله فرغ فيه من خَلْق السماوات والأرض،
([1])أخرجه: البخاري رقم (3931)، ومسلم رقم (892).