×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثالث

 أنفسهم فشدد الله عليهم، ولو أنهم آمنوا واتبعوا محمدًا صلى الله عليه وسلم لوضعت عنهم الآصار والأغلال التي كانت عليهم، كما قال جل وعلا في وصفهم: ﴿وَيَضَعُ عَنۡهُمۡ إِصۡرَهُمۡ وَٱلۡأَغۡلَٰلَ ٱلَّتِي كَانَتۡ عَلَيۡهِمۡۚ [الأعراف: 157]. فنحن منهيّون عن أن نتشبَّه بهم، ونحرِّم الشحوم وكلَّ ذي ظُفر؛ لأن هذا أصلُه حلال.

قوله: «وكذلك ما كان مركبًا منهما وهي الأعياد التي كانت مشروعة...» يعني: وما يَجمع عبادةً وعادةً، فإنَّنا مأمورون بمخالفتِهم فيه، كالأعياد، والأعياد: جمع عيد، وهو ما يعود ويتكرر، إمَّا بتكرر السنين، أو بتكرر الشهور أو الأسابيع، فالذي يعود ويتكرر يُسمَّى عيدًا، والعيد قد يكون زمانيًّا كعيد الفِطر وعيد الأضحى، وقد يكون مكانيًّا يجتمع فيه للعبادة كالكعبة المشرَّفة، والمشاعر المقدَّسة، فهذه أعياد مكانية يُعبد الله فيها جل وعلا وتُـخَصُّ بالعبادة أكثر من غيرها، فالعيد مشترك بيننا وبينهم، فكلّ قومٍ لهم عيد، ولكننا نخالفُهم في أعيادهم، ونلتزم بأعيادنا: عيد الفِطر وعيد الأضحى، لذلك لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما في الجاهلية قال: «إِنَّ اللَّهَ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا عِيدَيْنِ: عِيد الْفِطْرِ، وَعِيد الأَْضْحَى» ([1]).

والعيد يكون فيه عبادة وعادة، ويقصد بالعبادة صلاة العيدين، ودفع صدقة الفِطر في الفطر، وذبح الأضاحي في الأضحى، وفيه عادة وذلك بالتدرُّب على السِّلاح والجهاد، كما كان الحبشة يلعبون في مسجد


الشرح

([1])أخرجه: أبو داود رقم (1134)، وأحمد رقم (13622)، والحاكم رقم (1091).