«الغَنِيمَةُ لِمَنْ شَهِدَ
الوَقْعَةَ» وهذا كثير في كلامهم، وأما شهدت بكذا: فمعناه أخبرت به.
ووجه تفسير
التابعين المذكورين: أن ﴿ٱلزُّورَ﴾ هو
المحسَّن المموَّه، حتى يظهر بخلاف ما هو عليه في الحقيقة، ومنه قوله صلى الله
عليه وسلم: «المُتَشَبِّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ كَلاَبِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ» ([1]) لما
كان يُظهر ما يعظم به مما ليس عنده.
والشاهد بالزور
مظهرٌ كلامًا يخالف الباطن، ولهذا فسره السلف تارة بما يظهر حُسنُه لشُبهة، أو لشَهوة،
وهو قبيحٌ في الباطن، فالشرك ونحوه: يظهر حُسنه للشُّبهة، والغناء ونحوه: يظهر
حُسنه للشَّهوة.
وأما أعياد
المشركين: فجمعت الشُّبهة والشَّهوة والباطل، ولا منفعة فيها في الدّين، وما فيها
من اللذة العاجلة: فعاقبتها إلى أَلَم، فصارت زورًا، وحضورها شهودها.
وإذا كان الله قد
مدح ترك شهودِها الذي هو مجرد الحضور برؤية أو سماع، فكيف بالموافقة بما يزيد على
ذلك من العمل الذي هو عمل الزور لا مجرَّد شهوده؟
ثم مجرَّد هذه
الآية فيها الحمدُ لهؤلاء والثنـاءُ عليهم، وذلك وحدَه يفيد الترغيب في ترك شهود
أعيادهم وغيرها من الزور، ويقتضي الندْبَ إلى ترك حضورها، وقد يفيد كراهيـة حضورها
لتسمية الله لها: ((زورًا)).
فأما تحريم شهودها من هذه الآية: ففيه نظر.
([1])أخرجه: مسلم رقم (2130).