والحاصل: لو أن الذبح في
الأماكن التي يذبحون فيها لأوثانهم ليس بمعصية، لأجاز لنا النبي فعل ذلك، لكن لما
كان في هذا الفعل مشاركة لهم في عملهم الباطل، منع المسلمون من ذلك.
قوله: «الثاني:
أنَّه عقَّب ذلك بقوله: وَلاَ وَفَاءَ فِي مَعْصِيَةِ...» يعني: أنَّ في هذا
القول زيادة تأكيد، فإنه أولاً: عقَّب السؤال بالفاء بقوله: «فَأَوْفِ
بِنَذْرِكَ»، مما يدل على أنَّ السبب بوفاء النذر خلو هذا النذر من الوصفين
المانعين، والوجه الثاني: أنَّ النبي عليه الصلاة والسلام بيّن أكثر فقال: «لاَ
وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةِ» فهذا منطوق بالحكم المفهوم من السياق، وهو:
أنه لو كان فيها وثن أو عيد من أعياد الجاهلية لم يجز تنفيذ النذر في هذا المكان،
فدلَّ على أنَّ موافقة المشركين في أعيادهم معصية لله، فإنه لا يجوز الوفاء بهذا
النذر حتى لو أزيل ذلك، فأنه لا يجوز أن يذبح في مكان كان يذبح فيه لغير الله،
ولهذا عقد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله بابًا في كتاب التوحيـد فقال: «بابٌ:
لا يذبح لله في مكان كان يذبح فيه لغير الله»، وأورد فيه هذا الحديث.
قوله: «وإلاّ لم يكن في الكلام ارتباط...» يعني: لما كان هذا الفعل وسيلة من وسائل الشِّرك، فإنَّ النذرَ طاعةٌ وهو الذَّبح له عز وجل لكنه أمره صلى الله عليه وسلم أن لا يُوفي بنذْره في مكان كان يُعْبَد فيه غير الله سبحانه وتعالى وهذا من باب سدِّ الذَّرائعِ الـمُفضية إلى الشِّرك، ولهذا لا تجوز الصلاة عند القبور؛ لأن ذلك وسيلة من وسائل الشِّرك، ولأنه يُخشى من تعلُّق الناس فيها فيما بعد، فالعبادة لله لا تُفعل في مكان - يخشى أن يُتطوَّر