×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثالث

    فالزَّمان كقوله صلى الله عليه وسلم ليوم الـجُمعة: «إنَّ هَذَا يَوْمٌ جَعَلَهُ اللهُ لِلْمُسْلِمِينَ عِيْدًا» ([1])، والاجتماع والأعمال: كقول ابن عباس رضي الله عنهما: «شَهِدْتُ العِيدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ» ([2]).

والمكان كقوله صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَتَّخِذُوا قَبْرِي عِيدًا» ([3]).

وقد يكون لفظ ((العيد)) اسمًا لمجموع اليوم والعمل فيه، وهو الغالب، كقوله صلى الله عليه وسلم: «دَعْهُمَا يَا أَبَا بَكْرٍ، فَإِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا، وَإِنَّ هَذَا عِيدنَا» ([4]).

فقول النبي صلى الله عليه وسلم: «هَلْ بِهَا عِيدٌ مِنْ أَعْيَادِهِمْ؟» يريد اجتماعًا معتادًا من اجتماعاتهم التي كانت عندهم عيدًا.

فلما قال: لا، قال له: «أَوْفِ بِنَذْرِكَ».

وهذا يقتضي أنَّ كون البقعة مكانًا لعيدهم مانع من الذبح بها، وإن نذر.

كما أنَّ كونها موضع أوثانهم كذلك، وإلاّ لما انتظم الكلام، ولا حَسُن الاستفصال.

ومعلومٌ أنَّ ذلك لتعظيم البقعة يعظِّمونها بالتعييد فيها، أو لمشاركتهم في التعييد فيها، أو لإحياء شعار عيدهم فيها ونحو ذلك، إذ ليس إلاَّ مكان الفعل أو نفس الفعل، أو زمانه، فإن كان من أجل تخصيص البقعة - وهو الظاهر - فإنما نهى عن تخصيص البقعة لأجل كونها موضع عيدهم، ولهذا لـمّا خلت عن ذلك أذن


الشرح

([1])أخرجه: ابن ماجه رقم (1098)، ومالك في «الموطأ» رقم (113).

([2])أخرجه: البخاري رقم (962).

([3])أخرجه: أبو داود رقم (2042)، وأحمد رقم (8804)، وأبو يعلى رقم (469).

([4])أخرجه: البخاري رقم (3931)، ومسلم رقم (892).