قوله: «وهذا يوجب
العلم اليقيني بأنَّ إمام المتقين صلى الله عليه وسلم كان يمنع أمته منعًا قويًّا
من أعياد الكفار..» إلخ. المقصود: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان
حريصًا كلّ الحرص على طمس أعياد الجاهلية، حتى أنه سدّ الوسيلة التي قد تجرُّ
إليها، وهذا يتضح من سؤاله: «هَلْ كَانَ فِيهَا وَثَنٌ مِنْ أَوْثَانِ
الْجَاهِلِيَّةِ يُعْبَدُ؟» قَالوا: لاَ، قَالَ: «هَلْ كَانَ فِيهَا عِيدٌ
مِنْ أَعْيَادِهِمْ؟»، فدلَّ على أنه لو كان فيها شيء من ذلك في الزمان السابق
لمنع الرسول صلى الله عليه وسلم أن يُذْبَح في ذلك المكان، مع أنه قد أُزِيلَ ذاك
الوثن، لكن خشي النبي صلى الله عليه وسلم تلبيس الشيطان على الناس، فيكون مدخلاً
لإعادة تعظيم المكان وإقامة الشرك فيه؛ لأن الإنسان بطبيعته يحن إلى الماضي، لذلك
سدَّ النبي صلى الله عليه وسلم هذا الباب.
قوله: «وليس في إقرار أهل الكتاب على دِينهم إبقاء لشيء من أعيادهم...» يعني: ليس في إقرار أهل الكتاب على دِينهم مع ما فيه من الأعياد التي يمارسونها أن يشرع للأمة أن تشاركهم في أعيادهم، وإنما هي مختصة بهم، ومقصورة عليهم، ويجب أن لا تظهر في بلاد المسلمين؛ لأنَّ الإسلام منع سائر ممارسات اليهود والنصارى لدينهم ظاهرًا، وإنما يفعلونها فيما بينهم لئلا يشاركهم المسلمون فيها، فالمسلمون لا يشاركونهم فيها، ولا يفعلونها هم، ولا يتشبهون بهم فيها، فكل هذا من أجل حماية هذا الدين أن يتسرّب إليه شيء من غيره من دِين اليهود والنصارى أو المشركين، فأعياد أهل الكتاب مقصورة عليهم لا يظهرونها، ولا يسمح لهم بنشر الإعلانات أو وضع اللوحات