التي تدعو إلى إقامة أعيادهم، بل يكون عيدهم
فيما بينهم.
قوله: «بل قد بالغ
النبي صلى الله عليه وسلم في أمر أمته بمخالفتهم...» لقد بالغ النبي صلى الله
عليه وسلم في سدّ الوسائل التي تفضي إلى شيء من دين المشركين، حتى أنه خالفهم في
الأمور المباحات التي يفعلونها وهي خاصة بهم، كشكل اللباس وشكل الشعر، وطريقة
المشي والجلوس، وشكل الركوب على الدواب، فمع أنَّ هذه أمور مباحة في الأصل، إلاَّ
أنها لما كانت من خصائص الكفار الخاصة بهم، وجب على المسلمين أن يتجنبوها سدًّا
للذريعة، وإغلاقًا لباب الشر المتسلل من اليهود والنصارى، وهذا ردٌّ على المنادين
بفتح الأبواب للآخرين، لكنهم لا يعترفون بسد الوسائل ويقولون: إنها تضيق على
الناس، وتقيد الحريات، فهم يريدون أن يفتحوا ما سدّه الرسول صلى الله عليه وسلم
ومنع منه، من أجل أن يختلط دين المسلمين بدين الكفّار، ولا يكون هناك فوارق.
قوله: «ولتكون
المخالفة في ذلك حاجزًا ومانعًا...» يعني: أنَّ مخالفتهم تكون حاجزًا عن مشاركتهم في
دينهم، والغرض من هذا: تميّز الإسلام والمسلمين بما أغناهم الله به من هذا الدين،
وأحكامه العظيمة، ولئلا يأخذوا شيئًا من دِين الكفار.
قوله: «فإنه كلما كثرت المخالفة بينك وبين أهل الجحيم...» أي: كلما كثرت المخالفة للمشركين، حتى في الأمور العادية، كلما كثرت المخالفة بينك وبين أصحاب الجحيم اليهود والنصارى، فإنه يتحقق بذلك البعد عن أعمالهم وكفرهم، فينفرد المسلمون بدينهم الصحيح،