×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثالث

الوجه الرابع من السُّنة: أنَّ أرض العرب ما زال فيها يهود ونصارى، حتى أجلاهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه في خلافته، وكان اليهود بالمدينة كثيرًا في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان قد هادنهم حتى نقضوا العهد طائفة بعد طائفة، وما زال بالمدينة يهود، وإن لم يكونوا كثيرًا، فإنه صلى الله عليه وسلم مات ودِرْعه مرهونة عند يهودي، وكان في اليمن يهود كثير، والنصارى بنجران وغيرها، والفرس بالبحرين.

ومن المعلوم: أنَّ هؤلاء كانت لهم أعياد يتخذونها، ومن المعلوم أيضًا: أنَّ المقتضي لما يُفعل في العيد من الأكل والشرب واللباس، والزينة واللعب، والراحة ونحو ذلك، قائم في النفوس كلها إذا لم يوجد مانع، خصوصًا نفوس الصبيان والنساء، وأكثر الفارغين من الناس.

ثم مَنْ كان له خبرة بالسير علم يقينًا أنَّ المسلمين على عهده صلى الله عليه وسلم ما كانوا يشركونهم في شيء من أمرهم، ولا يغيِّرون لهم عادة في أعياد الكفار، بل ذلك اليوم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وسائر المسلمين يوم من الأيام، لا يختصّونه بشيء أصلاً، إلاَّ ما قد اختُلِف فيه من مخالفتهم فيه، كصومه، على ما سيأتي إن شاء الله تعالى.

فلولا أنَّ المسلمين كـان دِينهم الذي تلَّقَوْه عن نبيهم المنع من ذلك والكفّ عنه، لوجب أن يوجـد من بعضهم فعل بعض ذلك؛ لأن المقتضي لذلك قائم، كما تدل عليه الطبيعة والعادة، ولـولا المانع الشرعي لوُجـد مقتضاه، ثم على هذا جرى عمل المسلمين على عهد الخلفاء الراشدين.

غاية ما كان يوجد من بعض الناس، ذهابٌ إليهم يوم العيد للتَّنزه


الشرح