ومن
قال: «بَيْدَ» هنا بمعنى: ((غير)) فقد أبعد.
****
الله أمرنا بمخالفة أهل الكتاب، وعدم التشبه
بهم، ولأجل ذلك خصّنا ربنا بعيدين: عيد الأضحى وعيد الفطر في كل عام، وخصنا بعيد
في الأسبوع وهو يوم الجمعة، وهو يوم عبادة وفضل وخير كثير، فالله خصّ هذه الأمة
به، وأضلَّ عنه من كان قبلنا، بسبب اختلافهم وتعنتهم، فالنصارى أخذوا يوم الأحد،
واليهود أخذوا يوم السبت، وكلا اليومين ليس له فضل على غيره من الأيام، فلم
يوفَّقوا لليوم الذي فيه الفضل، فأخطؤوه وحُرموه بذنوبهم، واعتمدوا على فكرهم
لاختياره، فاليهود اختاروا يوم السبت؛ لأنَّ يوم السبت ليس فيه خلق، فهم يقولون:
أنَّ الله خلق السماوات والأرض في ستة أيام، أولها يوم الأحد وآخرها يوم الجمعة،
ثم إنه تعب فاستراح السبت - تعالى الله عمّا يقولون - وقد ردَّ الله عليهم ينزه
نفسه العليّة فقال: ﴿وَلَقَدۡ
خَلَقۡنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَيۡنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٖ وَمَا
مَسَّنَا مِن لُّغُوبٖ﴾ [ق: 38] ﴿أَوَ لَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ
وَٱلۡأَرۡضَ وَلَمۡ يَعۡيَ بِخَلۡقِهِنَّ﴾ [الأحقاف: 33].
وأما النصارى فإنهم
اختاروا يوم الأحد؛ لأنه اليوم الأول من الأيام التي خلق الله فيها السماوات
والأرض.
وأما يوم الجمعة فهو اليوم الأخير من الأيام الستة، الذي تكامل فيه الخلق، وخُلق فيه آدم، وفيه أُدخل الجنة، وفيه أُخرج منها، وفيه تقوم الساعة، وهو اليوم الذي تحصل فيه الأحداث العظيمة، فهو اليوم الفاضل، والله جل وعلا قد وفَّق هذه الأمة له، فجعله يومًا لها، يجتمعون فيه