×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثالث

بالأعاجم ومن ذلك رطانتهم، والمقصود: لا تتعلموها بوجه عام، أما تعلُّمها بوجه خاص وبقدر الحاجة فلا بأس به، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، والنهي الآخر هو عدم الدخول عليهم في كنائسهم، والكنائس: محل عِبادتهم وأعيادهم، وهذا هو محل الشاهد هنا، ألاَّ ندخل الأمكنة التي يقيمون فيهـا أعيادهم، وما يحدث اليوم أنهم يدعون بعض المسلمين للحضور، ويتشرف المدعو من المسلمين بهذه الدعوة، ويذهب ويجلس وينظر أعيادهم، وهذا منهيٌّ عنه؛ لأنه من مشاركتهم، والله جل وعلا قال: ﴿وَٱلَّذِينَ لَا يَشۡهَدُونَ ٱلزُّورَ [الفرقان: 72] يعني: لا يحضرون أعياد الكفار.

قوله: «مَنْ بَنَى بِبِلاَدِ الأَْعَاجِمِ وَصَنَعَ نَيْرُوزَهُمْ وَمَهْرَجَانَهُمْ...» يعني: من استقر وسكن فيها، وهذا فيه النهي عن الاستيطان في بلاد الكفر، والأمر بالهجرة التي أمر الله عز وجل بها؛ لأنه إذا استوطن بلادهم سَرَت عليه دِيانتهم، ودخل تحت نظامهم، وصار تابعًا لهم وقد يتجنس بجنسيتهم، والمصيبة أيضًا أنَّ أولاده ينشؤون في بلاد الكفار، ويتشرَّبون عاداتهم وأفكارهم، فينشؤون نشأة سيئة، فعلى المسلم ألاَّ يستوطن بلاد الكفار مهما استطاع، إلاَّ عند العجز عن الهجرة مع التمسك بدينه، فإنه يستوطن بقدر ما تزول به الضرورة ثم يهاجر، قال الله عز وجل: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَفَّىٰهُمُ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ ظَالِمِيٓ أَنفُسِهِمۡ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمۡۖ قَالُواْ كُنَّا مُسۡتَضۡعَفِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِۚ قَالُوٓاْ أَلَمۡ تَكُنۡ أَرۡضُ ٱللَّهِ وَٰسِعَةٗ فَتُهَاجِرُواْ فِيهَاۚ فَأُوْلَٰٓئِكَ مَأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُۖ وَسَآءَتۡ مَصِيرًا ٩٧ إِلَّا ٱلۡمُسۡتَضۡعَفِينَ مِنَ ٱلرِّجَالِ وَٱلنِّسَآءِ وَٱلۡوِلۡدَٰنِ لَا يَسۡتَطِيعُونَ حِيلَةٗ وَلَا يَهۡتَدُونَ سَبِيلٗا ٩٨


الشرح