اللباس، ألم يكن فعله هذا منكرًا؟ نقول: هذا من
المنكر، فكيف بالذي فعل هذا الأمر محبة أو مجاملة، أو مداهنة أو مصانعة لهم؟! لا
شكَّ أن هذا من أعظم المنكر، فالواجب على المسلمين أن يكونوا متمسكين بدِينهم، لا
يتنازلون عن شيء منه، ولا يأخذون شيئًا من دِين الكفار.
ولذلك لما جاء عمر
بن الخطاب رضي الله عنه بأوراق من التوراة ليريها النبي صلى الله عليه وسلم غضب
النبي صلى الله عليه وسلم غضبًا شديدًا وقال: «لَوْ كَانَ مُوسَى حَيًّا بَيْنَ
أَظْهُرِكُمْ، مَا حَلَّ لَهُ إلاَّ أَنْ يَتَّبِعَنِي» ([1]) فقال عمر:
أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وندم رضي الله عنه وقال: إِنَّمَا
أَرَدْتُ أَنْ تَطَّلِع عَلَيْهَا، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع
أنَّ التوراة في الأصل كتاب الله، لكنها نسخت وانتهى العمل بها، فكيف بالذي يريد
أن يؤسِّس عملاً يوافق عمل المشركين ثم يقول: هذا من باب التقارب، أو ما أشبه ذلك
من الدعايات الباطلة، فالواجب على المسلمين أن يحذروا من هذه الأباطيل، ويعلموا
أنَّ عدوهم هو الذي يُزين هذه الأشياء ويشجعهم عليها، ويعدهم بأشياء يحبونها
يفعلها لهم من باب الاستدراج لهم، فليكونوا على حذر دائمًا من عدوهم.
قوله: «فكذلك موافقة هؤلاء المغضوب عليهم والضالين أشد...» المغضوب عليهم هم اليهود، والضالـون هم النصارى، فاليهود مغضوب عليهم لأنهم لم يعملوا بعلمهم، فقد عصوا الله على بصيرة، والنصارى ضالون لأنهم عبدوا على غير بصيرة وهدى وعلم، وعلى غير دِين
([1])أخرجه: أحمد رقم (14631)، وأبو يعلى رقم (2135)، والبيهقي في «الشعب» رقم (176).