وغرضنا لا يتوقف
على معرفة تفاصيل باطلهم، ولكن يكفينا أن نعرف المنكر معرفة تميز بينه وبين المباح
والمعروف والمستحب والواجـب، حتى نتمكن بهذه المعرفة من اتقائه واجتنابه كما نعرف
سائر المحرمات.
إذ الفرض علينا
تركها، ومن لم يعرف المنكر جملة ولا تفصيلاً؛ لم يتمكن من قصد اجتنابه.
والمعرفة الجملية
كافية، بخلاف الواجبات، فإنَّ الغرض لما كان فعلها، والفعل لا يتأتى إلاَّ مفصلاً،
وجبت معرفتها على سبيل التفصيل.
وإنما عددت أشياء
من منكرات دِينهم لما رأيت طوائف المسلمين قد ابْتُلُوا ببعضها، وجهل كثير منهم
أنها من دِين النَّصارى الملعون هو وأهله.
وقد بلغني أيضًا
أنهم يخرجون في الخميس الذي قبل ذلك، أو يوم السَّبت أو غير ذلك إلى القبور
يبخرونها، وكذلك يبخرون بيوتهم في هذه الأوقات، وهم يعتقدون أنَّ في البخور بركة
ودفع أذى، لا لكونه طيبًا، ويعدونه من القرابين مثل الذبائح.
ويرفونه بنحاس
يضربونه كأنه ناقوس صغير وبكلام مصنف.
ويصلبون على
أبواب بيوتهم إلى غير ذلك من الأمور المنكرة.
ولست أعلم جميع
ما يفعلونه، وإنما ذكرت ما ذكرته لما رأيت كثيرًا من المسلمين يفعلونه وأصله مأخوذ
عنهم.
وحتى إنه في مدَّة الخميس تبقى الأسواق مملوءة من أصوات هذه النواقيس الصغار، وكلام الرقائين من المنجمين وغيرهم بكلام أكثره