ما فيه من الخطر والحفر والمهالك، فإنك تقع فيه
وأنت لا تعرف، فلا بد أن تعرف ما أمامك وما في طريقك حتى تتجنبه، فيجب على المسلم
أن يعرف الشر كما يعرف الخير، من أجل أن يعمل بالخير ويتجنب الشر؛ لأنه قد يفعل
الشر وهو يظن أنه خير؛ لأنه لم يعرفه.
قوله: «والمعرفة
الجملية كافية...» يعني: تعرف المحرم جملة لتتجنبه، ولو لم تعرف تفاصيله،
أما الواجبات فلا بد أن تعرف تفاصيلها؛ لأنه مطلوب منك أن تؤديها، وأما الحرام
فمطلوب منك أن تجتنبه جملة فلا تعمل منه شيئًا، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «فَإِذَا
نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا
مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» ([1]) يعني: كل ما تستطيع
الإتيان به مما أمر به صلى الله عليه وسلم فافعله.
قوله: «وإنما عددت
أشياء من منكرات دينهم لما رأيت طوائف المسلمين...» يعني: هذا هو السبب في ذكره
جملة من أفعالهم الباطلة، أنه رأى طوائف من المسلمين قد ابتلوا ببعضها، لذلك ذكرها
لأجل اجتناب باطلهم؛ لأنَّ المشكلة أنَّ بعض الناس - أو أكثرهم - يستحسنون ما فعله
الكفار ويعتبرونه رُقيًّا وحضارة وتمدُّنًا، وهذا أدى إلى التباس الحق بالباطل
عندهم.
قوله: «وقد بلغني أيضًا أنهم يخرجون الخميس...» يعني: من قبائح النصارى ما ابتدعوه في القبور من البناء عليها، واتخاذها مساجد، وتبخيرها وتطييبها طلبًا للبركة منها، واعتقادهم أنها تنفعهم وتضرهم،
([1])أخرجه: البخاري رقم (7288)، ومسلم رقم (1337).