قوله: «ويجعلونه
ميقاتًا لإخراج الوكلاء على المزارع...» ليقبضوا من المزارعين هذه
المظالم، وهذا من جملة ما يفعله النصارى في أعيادهم من الإسراف والبذخ، وأكل أموال
الناس بالباطل، وتخصيص هذه الأعياد بالمظاهر التي ما أنزل الله بها من سلطان، فهي
شواغل للناس وغرامات يدفعونها من أموالهم، وأصل هذه الأعياد الابتداع، فهم يضيفون
شرًّا إلى شر، لكن نقول: ليس بعد الكفر ذنب، ولكنَّ الخوف على المسلمين أن يقلدوهم
في هذه الأمور، أو يشاركوهم فيها لأجل ما يزعمون فيها من النفع والشفاء؛ لأن هذه
الأعمال تؤثر على القلوب الضعيفة التي لم يتمكَّن منها الإيمان والعلم النافع،
وقلَّ من يَسْلم منها إلاَّ من كان قلبه حيًّا بنور الإيمان ونور الوحي.
قوله: «وخلق كثير
منهم يضعون ثيابهم تحت السماء...» هذا من خرافاتهم، حيث إنهم ينشرون ثيابهم في هذه
الأعياد على الأرض، يظنون أنَّ مريم أم عيسى الصديقة تمرُّ عليها، مع أنه من
المعلوم أنَّ الميت لا يعود إلى الدنيا، لا مريم ولا غيرها، قال الله عز وجل: ﴿أَلَمۡ يَرَوۡاْ كَمۡ
أَهۡلَكۡنَا قَبۡلَهُم مِّنَ ٱلۡقُرُونِ أَنَّهُمۡ إِلَيۡهِمۡ لَا يَرۡجِعُونَ﴾ [يس: 31] فلا يرجع
أحد بعد الموت إلى الدنيا لا نبي ولا غيره، فهذه من خرافاتهم.
قوله: «فهل يستريب من في قلبه أدنى حياة من الإيمان...» يعني: لا تأتي شريعة مِنْ عند الله بمثل هذه التُّرَّهات والأباطيل؛ لأن الشريعة الإلهية منزّهة عن هذه الخرافات، ولا يرتاب من له أدنى مسكة عقل أنَّ الشريعة التي جاءت بمخالفة اليهود والنصارى ترضى بهذه القبائح التي ذكرت فيما مضى.