×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثالث

وبهذا يتبيَّن لك كمال موقع الشريعة الحنيفية، وبعض حكمة ما شرعه الله لرسوله صلى الله عليه وسلم من مُباينة الكفار ومخالفتهم في عامّة أمورهم، لتكون المخالفة أحسم لمادة الشر، وأبعد عن الوقوع فيما وقع فيه الناس.

****

  قوله: «وبهذا يتبيّن لك كمال الشريعة الحنيفيّة...» يعني: أنَّ الشريعة ليست بحاجة إلى أن يجلب إليها شيء من الأديان الأخرى، خصوصًا من دِين اليهود والنصارى، فهي ملّة كاملة كما قال تعالى: ﴿ٱلۡيَوۡمَ أَكۡمَلۡتُ لَكُمۡ دِينَكُمۡ والكامل لا يقبل الزيادة، فليست شريعتنا -ولله الحمد- ناقصة تحتاج إلى إكمال، بل هي الكمال المطلق الذي لا يحتاج معه إلى غيره، فلسنا بحاجة إلى أن نستحسن من دِين النصارى واليهود المحرف أو الـمنسوخ ما نضيفه إلى ديننـا الحق، فإنَّ فيه من الشرائع والكمالات ما يغني العالمين عن الأخذ من غيره.

ممّا سبق يتبين أمران مهمان: الأول: كمال هذه الشريعة كما ذُكِرَ آنفًا، والثاني: ما شرعه الله لنا من مباينة الكفار من اليهود والنصارى، والمباينة معناها: المخالفة التامة لهم؛ لأن معنى المتباينين: المتخالفين من كل وجه، فنحن نباينهم ولا نجتمع معهم في أي وجه أو شيء من دِينهم، وما كان من حق فهو في ديننا، ولسنا بحاجة أن نأخذه من دِينهم، فديننا كامل، ولله الحمد.

قوله: «لتكون المخالفة أحسم لمادَّة الشرّ...» يعني: أنَّ المخالفة ومنع التشبه بهم إنما مُنع لحكمة، وهي أنَّ نتجنب ما وقعوا فيه، أما إذا تشبّهنا بهم جرّنا هذا إلى اتباع شيء من دِينهم، وعند ذلك يختلط الحق بالباطل، ويشتبه الهدى بالضلال.


الشرح