التشبه بهم، لكان في طبعنا وعقولنا وتمييزنا ما
يقتضي مخالفتهم والابتعاد عنهم لعدم ملائمته لنا ولديننا، فكيف وقد جاء في دِيننا
ما يأمر بذلك ويؤكده؟
ولذلك قال رحمه الله:
«فكيف وقد رأينا من المنكرات التي أفضت إليها المشابهة ما يوجب الخروج من
الإسلام...» يعني: قد رأينا من المنكرات التي فعلها من تشبّه بهم ما يوجب
الخروج من الإسلام بالكلية، وهذا واقع، فإنَّ المشابهة وإن كانت يسيرة في بادئ
الأمر، فإنها تتطور وتترقى إلى أن تصل إلى الكفر بالله عز وجل فمن أظهر عباداتهم
وأميزها التثليث، وعبادة الصليب، فهل في المسلمين من يسوّغ هذا الأمر؟! فإذا وجد
من ينتسب إلى الإسلام ويرى صحّة ما هم عليه، فإنه قد خرج من الإسلام؛ لأنه سوَّغ
الكفر والشرك بالله عز وجل.
وقوله: «وسر هذا
الوجه أنَّ المشابهة تفضي إلى كفر أو معصية...» يعني: أنَّ الحكمة من تحريم
المشابهة أنها تُفضي إلى محذور بلا شك، كان قليلاً أو كثيرًا، والقليل يفضي إلى
الكثـير والكبـير، فحسم المادة تحريم مشابهتهم.
والمشابهة تفضي إلى
كفر أو معصية، أو إليهما، أي: إلى الكفر والمعصية في الجملة، فلا يُتشبه بهم لا في
قليل ولا في كثير مما هو من دِينهم وعاداتهم الخاصة بهم.
وليس في ذلك مصلحة، بل فيه مضرة، لا يقُلْ أحد بأننا إذا تشبهنا بهم حصّلنا مصلحة؛ لأنه لا مصلحة عندهم، وقد أمروا بالإيمان