الوجه الخامس من
الاعتبار: في التحذير أنَّ مشابهتهم في بعض أعيادهم يوجب سرور قلوبهم بما هم عليه
من الباطل. خصوصًا إذا كانوا مقهورين تحت ذُلِّ الجزية والصَّغار، فإنَّهم يرونَ
المسلمين قد صاروا فرعًا لهم في خصائص دِينهم، فإنَّ ذلك يوجب قوَّة قلوبهم
وانشراح صدورهم.
****
الوجه الخامس من وجوه الاعتبار، وهو
القياس الصحيح في النهي عن أعياد الكفار: أنَّ مشابهتهم في بعض أعيادهم تسرهم -
يعني: تسرّ الكفار - فنحن إذا أخذنا أعيادهم فرحوا، وسُرّوا بذلك، أما إذا اقتصرنا
على أعيادنا وتركنا أعيادهم فإنهم يغضبون ويستاؤون من ذلك، فهم يفرحون إذا
وافقناهم لما يعلمون من الضرر الذي يحصل علينا من ذلك، وهم يريدون لنا الضرر
دائمًا وأبدًا، فهم يفرحون بذلك من ناحيتين: من ناحية أنّا وافقناهم وأيّدناهم على
باطلهم، ومن ناحية أنَّ هذا سيقلل من اهتمامنا بعيد الإسلام، وقد يسحب الرغبة في
عيد الإسلام نهائيًّا، ولا يبقى له قيمة.
إذا كان أهل الكتاب
تحت ولاية المسلمين، ويَدفعون لهم الجِزية، فإنه يجب أن يُمنعوا مِن إظهار
شعائرهم، فكيف إذا رأوا المسلمين هم الذين يُساهمون في إقامة أعيادهم، فإنَّ ذلك
مما يرفعُ عنهم ما هم فيه من الذُّل والصَّغار، الذي قصده الله جل وعلا في أخذ
الجزية منهم فقال: ﴿حَتَّىٰ
يُعۡطُواْ ٱلۡجِزۡيَةَ عَن يَدٖ وَهُمۡ صَٰغِرُونَ﴾ [التوبة: 29].
فالواجب على المسلمين أن يمنعوهم من هذا الشيء، وأن يبتعدوا عنه بأنفسهم، فكيف يكون من المسلمين من يشاركهم في هذا، ويُظهر عيدهم وسرورهم؟ هذا أشدُّ ممّـا لو تُركوا هم يظهرونه.