المشاهد والقبور والأضرحة، والعكس بالعكس، فالذي
يتعلّق بزيارة المشاهد والقبور تقل رغبته في زيارة المساجد، حتى المساجد الثلاثة،
وإن زارها لا يجد في نفسه الرغبة فيها كما يجدها عند زيارة القبور والأضرحة؛ لأنه
ما علّق قلبه بتلك المساجد.
ولهذا تجد أنَّ
البعض من الناس الذين يقدمون إلى مكة والمدينة قد زهدوا في الصلاة في مسجديها،
وانشغلوا بالمزارات والبحث عن القبور والآثار وغيرها؛ لأنَّ همتهم انصرفت إليها
وحُرِمت من التعلق بهذه المساجد الشريفة، وهم يظنون أن الذهاب إلى هذه الآثار
والمشاهد فيه محبة للنبي صلى الله عليه وسلم ولأصحابها، وإنما المحبة أن تطيع أمر
الرسول، وتنهج نهجه، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: «لاَ تُشَدُّ الرِّحَالُ
إلاَّ إِلَى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ: الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِي هَذَا،
وَالمَسْجِدِ الأَْقْصَى»، فالذي يُحب النبي صلى الله عليه وسلم لا يسافر
إلاَّ لهذه المساجد الثلاثة، يعني: سفر عبادة، أما سفر التجارة وسفر العلم،
والأسفار المباحة، فليست داخلة هنا، فلا يسافر للعبادة في مكان خاص، إلاَّ إلى هذه
المساجد الثلاثة.
قوله: «ومن أدْمَنَ على أخذ الحكمة والآداب من كلام فارس والروم» يعني: أنَّ من أكثر مطالعة الكتب والآداب والأشعار والثقافات، ولا سيّما الثقافات الأجنبية، وحِكَم اليونان والفرس والهنود لا يجد في قلبه ونفسه لذة لقراءة في الكتب الإسلامية والكتب الشرعية، والحكم القرآنية والنبوية؛ لأنه أشبع نفسه من تلك الثقافـات، حتى تجد أنه يفضل الكلام بلهجة الغرب، والاستشهاد بثقافاتهم، وهذا تجده ظاهرًا في كلام الحداثيين وأدبهم ممن حُرموا مِنْ أدب القرآن والسنة،