ولهذا عظَّمت
الشريعة النكير على من أحدث البدع وحذّرت منها؛ لأن البدع لو خرج الرجل منها
كفافًا لا علىه ولا له لكان الأمر خفيفًا، بل لا بدَّ أن توجب له فسادًا في قلبه
ودينه ينشأ من نقص منفعة الشريعة في حقه، إذ القلب لا يتسع للعوض والمعوض منه.
لهذا قال صلى
الله عليه وسلم في العيدين الجاهليين: «إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا
يَوْمَيْنِ خَيْرًا مِنْهُمَا» ([1]).
فيبقى اغتذاء
قلبه من هذه الأعمال المبتدعة مانعًا من الاغتذاء، أو من كمال الاغتذاء بتلك
الأعمال النافعة الصالحة الشرعية.
فيفسد عليه حاله
من حيث لا يعلم.
كما يفسد جسم
المغتذي بالأغذية الخبيثة من حيث لا يشعر.
وبهذا يتبيَّن لك
بعض ضرر البدع.
****
قوله: «ولهذا عظَّمت الشريعة النكير على من أحدث البدع...» النقيضان لا يجتمعان، ولا يجتمع العوض والمعوض منه، فمن انشغل بالخير أعرض عن الشر، ومن انشغل بالشر أعرض عن الخير، نعم قد يكون في الإنسان خير وشر، فإن غلب الخير، وغمر الشَّر، فهذا قد سلم، فإنَّ الكمال لله عز وجل لكن المصيبة تكون حينما يغلب الشر، ويقل الخير، ولو كان عند الإنسان قليل من الشر فإنه ينمو، وقليله يجر إلى كثيره، فعلى المسلم أن يبتعد عن الشر حيثما تمكن.
([1])أخرجه: أبو داود رقم (1134)، وأحمد رقم (13622)، والحاكم رقم (1091).