×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثالث

والشريعة عظَّمت النكير على من أحدث البدع، قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ» ([1]) وفي رواية: «مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» ([2]) يعني: من عَمِلَ بالمحدث ولو لم يحدثه هو، وإنما أحدثه غيره، فكيف لو أحدثه هو؟ لا شك أنه أشدّ، وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِين الْمَهْدِيِّينَ مِنْ بَعدِي، تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُْمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ» ([3]) انظر السنَّة لا تجتمع مع البدعة: «فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ,وَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ» ([4]) وفي رواية: «وَكُلُّ ضَلاَلَةٍ فِي النَّارِ».

وقال عليه الصلاة والسلام: «إِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَشَرَّ الأُْمُورِ مُحْدَثَاتُهَا» فالإسلام حذَّر من البدع لأنها تجر إلى الشر؛ لأنهـا تضاد السنن، ولأنَّ المبتدعة يعادون أهل السنن، فلا تجتمع السنَّة والبدعة إلاَّ وتقضي إحداهما على الأخرى بلا شك.

قوله: «لأنَّ البدع لو خرج الرجل منها كفافًا...» يعني: لو كان المبتدع يخرج كفافًا لا له ولا عليه، لكان الضرر خفيفًا على ما فيه من فوات الخير، لكنَّ الأمر لا يقف عند هذا الـحَدّ، بل يتجاوز ذلك


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (2697)، ومسلم رقم (1718).

([2])أخرجه: مسلم رقم (1718).

([3])أخرجه: أبو داود رقم (4607)، وابن ماجه رقم (42)، وأحمد رقم (17144).

([4])أخرجه: أبو داود رقم (4607)، والترمذي رقم (2676)، وابن ماجه رقم (42)، وأحمد رقم (17144).