مُوقِعًا صاحبَه في الشرور، ذلك أنَّ البدع توجب
فسادًا في قلبه، فيكره السنن، ويكره ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا
شيء معروف في نفوس وقلوب المبتدعة، فأنت لا تجد أهل البدع يدعون إلى السنَّة
أبدًا، وإنما لهجهم: قال فلان وقال علان، دون سندٍ أو تحقيق، والمكان الفلاني فيه
بركة... إلخ، لا تجدهم يُرغِّبون في السنن أبدًا؛ لأن قلوبهم امتلأت بالبدع وصاروا
دعاة لها، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «من دعا إلى هدى كان له من الأجرِ مثل
أجُور من تبعَه، لا يَنقصُ ذلك من أجورهم شيئًا، ومن دعا إلى ضلالة، كان عليـه من
الإثم مثل آثامِ من تبعـه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئًا» ([1]).
قوله: «إِنَّ
اللَّهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ...» والقلب لا يتسع للبدل والـمُبدَل، لذلك فإن الرسول صلى
الله عليه وسلم قال: «إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا» أي: أبدلكم
بأعياد المشركين أعيادًا إسلامية، ولم يجمع لهم العيدين: عيد الشرك وعيد الإسلام؛
لأن كلمة «أَبْدَلَكُمْ» تدل على ترك المبدل منه.
قوله: «فيبقى اغتذاء قلبه من هذه الأعمال المبتدعة مانعًا...» يعني: أنَّ القلب إذا أخذ حظه من الغذاء لم يقبل غذاءً آخر، فإذا غلب عليه الغذاء السّيئ من البدع والمحدثات والمنكرات والمعاصي والشهوات المحرمة، لم يعد فيه مكان للأشياء الطيبة، والأعمال الصالحة، والعلم النافع، فقد امتلأ من الباطل فلا يقبل الحق، وقد يكون فيه شيء من الباطل، فينقص فيه الحق بقدر ما فيه من الباطل.
([1])أخرجه: مسلم رقم (2674).