إذا تبيَّن هذا
فلا يخفى ما جعل الله في القلوب من التشوق إلى العيد، والسرور به، والاهتمام بأمره
إنفاقًا واجتماعًا وراحة، ولذة وسرورًا، وكل ذلك يوجب تعظيمه، لتعلق الأغراض به،
فلهذا جاءت الشريعة في العيد بإعلان ذكر الله تعالى فيه، حتى جُعل فيه من التكبير
في صلاته وخطبته وغير ذلك ما ليس في سائر الصلوات.
وأقامت فيه من
تعظيم الله وتنزيل الرحمة، خصوصًا العيد الأكبر، ما فيه صلاح الخلق، كما دلَّ عليه
قوله تعالى: ﴿وَأَذِّن فِي ٱلنَّاسِ بِٱلۡحَجِّ يَأۡتُوكَ رِجَالٗا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٖ يَأۡتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٖ ٢٧ لِّيَشۡهَدُواْ مَنَٰفِعَ لَهُمۡ وَيَذۡكُرُواْ ٱسۡمَ ٱللَّهِ فِيٓ
أَيَّامٖ مَّعۡلُومَٰتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّنۢ بَهِيمَةِ ٱلۡأَنۡعَٰمِۖ
فَكُلُواْ مِنۡهَا وَأَطۡعِمُواْ ٱلۡبَآئِسَ ٱلۡفَقِيرَ﴾
[الحج: 27- 28].
فصار ما وُسِّع
على النفوس فيه من العادات الطبيعية عونًا على اندفاعها بما خصص فيه من العبادات
الشرعية.
فإذا أعطيت
النفوس في غير ذلك اليوم حظها، أو بعض الذي يكون في عيد الله، فترت عن الرغبة في
عيد الله.
وزال ما كان له
عندها من المحبة والتعظيم، فنقص بسبب ذلك تأثير العمل الصالح فيه، فخسرت خسرانًا
مبينًا.
وأقل الدرجات أنك لو فرضت رجلين: أحدهما قد اجتمع اهتمامه بأمر العيد على المشروع، والآخـر مهتم بهذا وبهذا، فإنك بالضرورة تجد المتجـرد للمشروع أعظم اهتمامًا به من المشَرِّك بينه وبين غيره، ومن لم يدرك هذا فلغفلته أو إعراضه.