وكلّ ما كان
سببًا إلى مِثل هذا الفساد فإنَّ الشارع يحرّمه، كما دلت عليه الأصول المقرَّرة.
الوجه الثامن من
الاعتبار: أنَّ المشابهة في الظاهر تورِث نوع محبّة وموّدة وموالاة في الباطن، كما
أنَّ المحبة في الباطن تورث المشابهة في الظاهر.
****
كل ما أفضى إلى
محذور فإنه يُمنع سدًّا للذريعة، ومن هذا التّشبه بالكفار؛ لأنه ذريعة إلى التشبه
بهم في الباطن في اعتقاداتهم وعباداتهم ومظاهرهم الكفرية، كما دلَّت على ذلك
الأصول المقررة في سدّ الذرائع التي تفضي إلى محذور.
الوجه الثامن من
وجوه الاعتبار التي ذكرها الشيخ في تحريم مشابهة المشركين والكفار: أنَّ المشابهة لهم
في الظاهر تدلّ على محبتهم في الباطن، إذ لو لم يكن يُحبهم لما تشبّه بهم، فإنَّ
الأمر المعهود أنَّ الذي يبغضُ طائفة أو شخصًا أو قبيلة أو أمّة ينفر من التشبه
بهم، والعكس صحيح، فإنَّ الإنسان يتشبّه بمن يحبه، حتى يتزيّى بزيّه، ويتكلم
بلغته، ويقلده في عاداته، ويريد بذلك أن يتذكّر حاله، وأن يستديم وجوده في ذاكرته
ومخيّلته.
فدلَّ هذا على أنه لا يجوز التشبه بالكفار على اختلاف دياناتهم ومللهم، فإنَّ المسلم لا يحب أعداء الإسلام مطلقًا، بل يبغضهم لما هم عليه من الاعتقاد الضالّ، قال الله جل وعلا: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمۡ أَوۡلِيَآءَ﴾ [الممتحنة: 1] فلمّا كانت لا تجوز موالاتهم، حَرُم التشبه بهم، من أجل قطع الصلة بهم في الشكل والمظهر، ولكي لا تسري عاداتهم ودياناتهم إلى المسلمين بسبب التشبه بهم.