×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثالث

فبيَّن سبحانه وتعالى أنَّ الإيمان بالله والنبي وما أنزل إليه مستلزِم لعدم ولايتهم، فثبوت ولايتهم يوجب عدم الإيمان؛ لأن عدم اللازم يقتضي عدم الملزوم.

****

قال الله عز وجل: ﴿وَلَوۡ كَانُواْ يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلنَّبِيِّ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيۡهِ مَا ٱتَّخَذُوهُمۡ أَوۡلِيَآءَ فدلَّ على أنَّ الإيمان بالله والنبي والقرآن المنزَّل يستلزم بغضهم وعداوتهم، فإذا انتفى اللازم انتفى الملزوم، وهذه قاعدة.

لا بدَّ هنا من الإشارة إلى شُبهة وقع بها كثيرٌ من الجهال، فخلطوا بين المعاملة الظاهرة الـمُباحة، وبين المودّة والموالاة، وبينهما فرق عظيم، فنحن نبغض الكفار ونعاديهم من أجل دينهم، لكن لا يمنع هذا من الإقساط والعدل بالإحسان مع من أحسن إلى المسلمين منهم، مكافأة لهم لا محبة لهم، فحسن المعاملة مع عموم الكفار فيما أباح الله، كالمصالح المشتركة في البيع والشراء، واكتساب الحرف والمهارات، وتعلمها منهم، لا بأس بذلك، فالنبي صلى الله عليه وسلم استأجر عبد الله ابن أريقط الليثي - وكان مشركًا - ليدله على الطريق في سفر الهجرة - وكان هاديًا خريتًا - فاستفاد من خبرته، وفعله هذا يدلُّ على أنَّ الانتفاع بخبرة ومهارة الأعداء مما أباحه الله لنا، هذا أولاً.

وأما ثانيًا: أنَّ من لم يحصل منهم عُدوان على المسلمين، ولم يُخرجوا المسلمين من ديارهم، ولم يظاهروا عليهم أحدًا - أي: لم يُعينوا عدوهم عليهم - فالواجب الإحسان إليهم، من باب المكافأة لا من باب المحبة، قال الله تعالى: ﴿هَلۡ جَزَآءُ ٱلۡإِحۡسَٰنِ إِلَّا ٱلۡإِحۡسَٰنُ [الرحمن: 60].


الشرح