وقال سبحانه: ﴿لَّا تَجِدُ قَوۡمٗا يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ
يُوَآدُّونَ مَنۡ حَآدَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَوۡ كَانُوٓاْ ءَابَآءَهُمۡ
أَوۡ أَبۡنَآءَهُمۡ أَوۡ إِخۡوَٰنَهُمۡ أَوۡ عَشِيرَتَهُمۡۚ أُوْلَٰٓئِكَ كَتَبَ
فِي قُلُوبِهِمُ ٱلۡإِيمَٰنَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٖ مِّنۡهُۖ﴾
[المجادلة: 22]. فأخبر سبحانه أنه لا يوجد مؤمن يوادّ كافرًا، فمن وادّ الكفار
فليس بمؤمن، والمشابهة الظاهرة مظنة الموادة فتكون محرَّمة كما تقدم تقرير مثل ذلك،
واعلم أنَّ وجوه الفساد في مشابهتهم كثيرة، فلنقتصر على ما نبهنا عليه.
****
ما زال الشيخ رحمه الله في سياق النهي عن
موالاة الكفار، وذكر الآيات الواردة في ذلك، ومنها آيات آخر سورة المجادلة، قال
تعالى: ﴿لَّا
تَجِدُ قَوۡمٗا يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ يُوَآدُّونَ مَنۡ
حَآدَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَوۡ كَانُوٓاْ ءَابَآءَهُمۡ أَوۡ أَبۡنَآءَهُمۡ﴾ [المجادلة: 22] هذه
بعد قوله تعالى: ﴿أَلَمۡ
تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ تَوَلَّوۡاْ قَوۡمًا غَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِم مَّا هُم
مِّنكُمۡ وَلَا مِنۡهُمۡ وَيَحۡلِفُونَ عَلَى ٱلۡكَذِبِ وَهُمۡ يَعۡلَمُونَ ١٤ أَعَدَّ
ٱللَّهُ لَهُمۡ عَذَابٗا شَدِيدًاۖ إِنَّهُمۡ سَآءَ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ ١٥ ٱتَّخَذُوٓاْ
أَيۡمَٰنَهُمۡ جُنَّةٗ فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ فَلَهُمۡ عَذَابٞ مُّهِينٞ﴾ [المجادلة: 14- 16]
وهذه الآيات كلها في المنافقين الذين يدّعون الإيمان ويدّعون أنهم مع المؤمنين،
وهم في الباطن مع الكفار.
والموالاة للكفار من أبرز صفات المنافقين؛ لأنهم يظهرون الإيمان وهم يبطنون خلافه، فهم في الظاهر مع المسلمين، وفي الباطن مع الكفار؛ لأنهم إخوان لهم، ما فارقوهم في العقيدة، وإنما أظهروا الإيمان خداعًا ﴿يُخَٰدِعُونَ ٱللَّهَ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَمَا يَخۡدَعُونَ إِلَّآ أَنفُسَهُمۡ وَمَا يَشۡعُرُونَ﴾ [البَقَرَة: 9] فهم ادّعوا الإيمان، ومع هذا لم يبارحوا الكفر ولم يبارحوا أهله؛ لأنهم معهم قلبًا واحدًا.