فهؤلاء الصحابة
قد فسَّروا ما قصد بذبحه غير الله داخلاً فيما أهل به لغير الله، فعلمت أنَّ الآية
لم يقتصر بها على التلفظ باسم غير الله، بل ما قُصد به التقرب إلى غير الله فهو
كذلك. وكذلك تفاسير التابعين على أنَّ ما ذبح على النصب هو ممّا ذبح لغير الله.
****
الراشدين، لمّا حصلت المعاقرة في ذبح الإبل بين
رجلين، وهذا وقع في الإسلام بين أبي الفرزدق غالب - والد الفرزدق الشاعر المعروف -
وبين رجل آخر من المسلمين تباريا أيهما أكثر ذبحًا من الآخر، ولـمّا علم الناس
طمعوا في اللحوم وخرجوا على الحُمُر والبغال يريدون هذه اللحوم، فخرج علي رضي الله
عنه - وكان في الكوفة - على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم البيضاء، فأعلن للناس
أنَّ هذه اللحوم حرام؛ لأنها ممّا أهلَّ به لغير الله، وهذا يوافق كلام ابن عباس
رضي الله عنهما: «أَخْشَى أَنْ تَكُونَ مِمَّا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ»،
ولأنَّ ما أهل به عام، يشمل كل ما قُصد به غير وجه الله سبحانه وتعالى أو ما
سُمِّي عليه بغير اسم الله عز وجل.
فالآية: ﴿وَمَآ أُهِلَّ بِهِۦ لِغَيۡرِ ٱللَّهِۖ﴾ عامة تشمل ما صُرِّح فيه باسم غير الله عند الذبح، وما أضمر في القلب أنه لغير الله، ولو ذكر عليه اسم الله، وقد مرَّ أنَّ المتبارين بذبح الإبل من المسلمين لا تؤكل ذبائحهما في المباريات، مع أنهم سيقولون: باسم الله عند الذبح، ومع ذلك نهى هذان الصحابيان ابن عباس وعلي رضي الله عنهما عن أكل هذه اللحوم؛ لأنها داخلة في عموم قوله تعالى: ﴿وَمَآ أُهِلَّ بِهِۦ لِغَيۡرِ ٱللَّهِۖ﴾.