×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثالث

وقـد روى أحمدُ في ((المسنـد)) ([1]) مِن حديث ابن لَهيعة، حدثنا موسى بن وردان، عن عُبيد الأعرج، حدثتني جدتي - يعني: الصَّماء: «أَنَّهَا دَخَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ السَّبْتِ وَهُوَ يَتَغَدَّى فَقَالَ: ((تَعَالَيْ تَغَدِّي»، فَقَالَتْ: إِنِّي صَائِمَةٌ، فَقَالَ لَهَا: «صُمْتِ أَمْسِ؟»، فَقَالَتْ: لاَ، قَالَ: «كُلِي، فَإِنَّ صِيَامَ يَوْمِ السَّبْتِ لاَ لَكِ وَلاَ عَلَيْكِ».

وهذا وإنْ كان إسنادُه ضعيفًا، لكن يدل عليه سائر الأحاديث، وعلى هذا فيكون قوله: «لاَ تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ» أي: لا تَقْصِدوا صيامه بعينه إلاَّ في الفرض، فإنَّ الرجل يقصد صومه بعينه بحيث لو لم يجب عليه إلاَّ صوم يوم السبت، كمن أسلم ولم يبق من الشهر إلاَّ يوم السبت، فإنه يصومه وحده.

وأيضًا فقصده بعينه في الفرض لا يكره، بخلاف قَصْدِه بعينه في النَّفل فإنه يكره.

****

  هذا من أدلتهم على مَنْع الإفراد لهذا الحديث، حيث قال: فأفطري، فدلَّ على القول الثاني، وهو أنه يكره إفراده.

إفراد يوم السبت يكون بصوم الفرض، كمن كان عليه يوم من رمضان، أو أسلم حديثًا ولم يبق في رمضان إلاَّ يوم السبت، فإنه يصومه من باب الفرضية لا من باب التنفل.

فالكراهة تكون بإفراده في النفل، أما إفراده بصوم الفرض أو دخوله مع غيره في صوم النفل، فلا بأس بصيامه عند مَنْ يكرهون صيامه مفردًا.


الشرح

([1])أخرجه: أبو داود رقم (2421)، وابن ماجه رقم (1726)، وأحمد رقم (17686).