×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الثاني

وَقَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنَ سَعْدِي فِي جَوَابٍ لَهُ عَنْ حُكْمِ الدُّخانِ: «أَمَّا الدُّخانُ شُرْبُهُ وَالاتِّجَارُ بِهِ وَالإِعَانَةُ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ حَرَامٌ، وَلاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمِ تَعَاطِيهِ شُرْبًا وَاسْتِعْمَالاً وَاتِّجَارًا. وَعَلَى مَنْ كَانَ يَتَعَاطَاهُ أَنْ يَتُوبَ إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا، كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتُوبَ مِنْ جَمِيعِ الذُّنُوبِ. وَذَلِكَ أَنَّهُ دَاخِلٌ فِي عُمُومِ النُّصُوصِ الدَّالَّةِ عَلَى التَّحْرِيمِ دَاخِلٌ فِي لَفْظِهَا العَامِّ وَفِي مَعْنَاهَا وَذَلِكَ لِمَضَارِّهِ الدِّينِيَّةِ وَالبَدَنِيَّةِ وَالمَالِيَّةِ الَّتِي يَكْفِي بَعْضُهَا فِي الحُكْمِ بِتَحْرِيمِهِ، فَكَيْفَ إِذَا اجْتَمَعَتْ.

ثُمَّ أَخَذَ يُفَصِّلُ مَضَارَّهُ ثُمَّ قَالَ: وَالمِيزَانُ الحَقِيقِيُّ هُوَ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ أُصُولُ الشَّرْعِ وَقَوَاعِدُهُ، وَقَدْ دَلَّتْ عَلَى تَحْرِيمِ الدُّخانِ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنَ المَفَاسِدِ وَالمَضَارِّ المُتَنَوِّعَةِ وَكُلُّ أَمْرٍ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى العَبْدِ فِي دِينِهِ أَوْ بَدَنِهِ أَوْ مَالِهِ مِنْ غَيْرِ نَفْعٍ فَهُوَ مُحَرَّمٌ فَكَيْفَ إِذَا تَنَوَّعَتِ المَفَاسِدُ وَتَجَمَّعَتْ، أَلَيس مِنَ المُتَعَيِّنِ شَرْعًا وَعَقْلاً وَطِبًّا تَرْكُهُ وَالتَّحْذِيرُ مِنْهُ وَنَصِيحَةُ مَنْ يَقْبَلُ النَّصِيحَةَ». ا هـ.

وَقَالَ الشَّيْخُ مُصْطَفَى الَحمامِي فِي كِتَابِ «النَّهْضَةِ الإِصْلاَحِيَّةِ» صَفْحَة (486): وَأَمَّا التّنبَاكُ وَالدُّخانُ فَهُمَا مِنْ فَصِيلَةٍ وَاحِدَةٍ تَقْرِيبًا، وَلَهُمَا مِنَ السُّلطَانِ عَلَى مُعْتَادِهِمَا مَا يَعْجَبُ لَهُ الإِنْسَانُ كُلَّ العَجَبِ، وَأَيّ سُلطَانٍ أَقْوَى مِنْ أَنَّ مُعْتَادَ الدُّخانِ - كَمَا رَأَيْنَا - إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَذَا البَلاَء وَشَعَرَ بِالحَاجَةِ إِلَيْهِ يَمُدُّ يَدَهُ لأَِيِّ امْرِئٍ يَلقَاهُ متَكَفِّفًا طَالِبًا مِنْهُ وَلَوْ نَفَسًا وَاحِدًا! هَذَا شَيْءٌ نَحْكِيهِ عَنْ رُؤْيَةِ عيَانٍ لاَ عَنْ نَقْلٍ سَمِعْنَاهُ عَنْ أَحَدٍ، وَقَدْ يَكُونُ هَذَا المُتَكَفِّف مِنْ ذَوِي المَقَامَاتِ الرَّفِيعَةِ، وَلَكِنْ قُوَّةُ هَذَا الكَيْفِ وَشِدَّتُهُ تُرْغِمُهُ عَلَى أَنْ يَتَنَازَلَ عَنْ وَقَارِهِ وَمُقَامِهِ السَّامِي إِلَى حَيْثُ يَمُدُّ يَدَهُ يَسْتَجْدِي «سِيجَارَةً» أَوْ عَلَى الأَقَلِّ نَفَسًا مِنْهَا.


الشرح